.................................................................................................
______________________________________________________
دلّ على التفكر ، وإذا تعدّى بـ «إلى» دلّ على معنى الإبصار. ومن المعلوم توقف التأمّل والتدبّر في الأحاديث ـ خصوصا المتعارضة منها ـ على قوّة يتمكن بها من تأسيس الأصل في المسألة الأصولية ـ من التخيير واستحباب الترجيح أو وجوبه ، والتعدي عن المرجحات المنصوصة إلى غيرها ، وعدمه ، وغير ذلك ـ فالقاضي يجب عليه النّظر في المسألة والتدبر في الروايات ، فقد يؤدّي هذا النّظر إلى معرفة الحكم الشرعي وقد لا يؤدّي ، بشهادة صحة قول القائل : «نظرت في كتاب كذا وتأملته ولم أتحصل معناه» فالناظر في الروايات عالم بالكبريات ، لكن قد يعجز عن تطبيقها على بعض الموارد.
ولأجل لزوم معرفة القاضي بالحكم الجزئي ـ وعدم كفاية تأسيس القواعد والأصول ـ اعتبر عليهالسلام فيه معرفته بالحكم الجزئي بسبب القدرة على تطبيق الكبريات على صغرياتها. ولعلّ الوجه في قوله عليهالسلام : «وعرف أحكامنا» دون «وعلم أحكامنا» هو تعلق العلم بالأحكام الكلية والمعرفة بالأحكام الجزئية الشخصية ، لوضوح أنّ شأن القاضي فصل الخصومة وإنشاء الحكم في الواقعة الجزئية.
وعلى هذا فالاجتهاد المعتبر عندنا ـ وهو استخراج الأحكام من الكتاب والسنة ـ يستفاد اعتباره من المقبولة ونحوها ، وليس أخذ «الاجتهاد» في التعريف إلّا تبديل لفظ بلفظ أخصر منه وأوضح دلالة عليه ، لتوقف هذه المعرفة غالبا على بذل الوسع وتحمل المشقة ، فلا اثنينيّة بين عنوان الاجتهاد ومعرفة الأحكام حينئذ.
الثاني : أن الأصل في تعريف الاجتهاد هم العامة بلحاظ إطلاق «المجتهد» على بعض الصحابة في مقام توجيه مخالفتهم للكتاب والسنة ، فتبعهم أصحابنا في أصل هذا العنوان ، وتصرّفوا في التعريف بما ينطبق على أصول المذهب. قال المحقق في المعارج : «وهو ـ أي الاجتهاد ـ في عرف الفقهاء : بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام من أدلة الشرع اجتهادا ، ولأنّها تبتني على اعتبارات نظريّة ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر ، وسواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره ... فان قيل : يلزم على هذا أن يكون الإمامية من أهل الاجتهاد. قلنا : الأمر كذلك. لكن فيه إبهام ، من حيث إنّ القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الاجتهاد