.................................................................................................
______________________________________________________
الفقه.
وبالجملة : فالمعرفة في المقبولة ظاهرة في معرفة الأحكام واستحضارها فعلا ، لا مجرّد وجود ملكة الاستنباط ، كما أنّ لفظ «أحكامنا» ظاهر بدوا في الجميع. ولكن لمّا كان الجمود على ظاهرهما ممتنعا وموجبا للغوية جعل منصب القضاء ، لعدم إحاطة غير المعصوم عليهالسلام بجميع الأحكام معرفة فعلية ، فلا بد من التصرف في أحد هذين الظهورين لئلا يبقى الخطاب إنشاء محضا غير واصل إلى مرتبة الفعلية من جهة عدم الموضوع. ويدور الأمر حينئذ بين التصرف في ظهور «المعرفة» بحملها على الملكة ولو لم يستنبط صاحبها بعد حكما واحدا ، والتصرف في الأحكام بحملها على جملة معتدّ بها منها بحيث يصدق عليها الاستغراق العرفي.
ولمّا كان ظهور المعرفة في الإحراز الفعلي أقوى من ظهور الأحكام في جميع الأحكام ، فيتصرّف في ظاهر الثاني ، وتحمل «الأحكام» على الجملة المعتد بها منها.
ويؤيّد هذا التصرف منع أصل ظهور الجمع في المقبولة في الاستغراق الحقيقي من أوّل الأمر ، وذلك لأنّ الرّواة الذين كانوا مراجع في زمان صدور الروايات لم تكن لهم الإحاطة بجميع الأحكام قطعا ، فإنّ مثل عبد الله بن أبي يعفور «رضوان الله تعالى عليه» الّذي لا ريب في فقاهته في الدين وكونه مصداقا للعارف بأحكامهم عليهمالسلام أرجعه الإمام عليهالسلام إلى محمّد بن مسلم (١). وعبد الله بن أبي يعفور «ثقة ثقة ، جميل في أصحابنا ، كريم على أبي عبد الله عليهالسلام ...» (٢). وهل تصح دعوى قصور المقبولة عن شمولها لمثل عبد الله بن أبي يعفور من جهة عدم معرفته الفعلية بجميع الأحكام؟
والحاصل : أنّ ملاحظة تراجم الرّواة المرجوح إليهم في عصر صدور المقبولة تشهد بأنّ المراد من العارف بالأحكام هو العالم بجملة معتدّ بها منها ، لا غير. نعم لا يصدق عنوان «العارف بالأحكام» على من له ملكة مطلقة ولكنه لم يستنبط شيئا ، أو استنبط جملة يسيرة غير معتدّ بها.
والنتيجة : نفوذ حكم المجتهد الانسدادي ـ على الحكومة ـ إذا علم بجملة وافية من
__________________
(١) الوسائل ، ١٨ ـ ١٠٥ ، الحديث : ٢٣
(٢) رجال النجاشي ، ص ١٤٧