وعدم (١) تدوينها في زمانهم عليهمالسلام لا يوجب ذلك ، وإلّا (٢) كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة.
وبالجملة (٣) : لا محيص لأحد في استنباط الأحكام الفرعية من أدلتها
______________________________________________________
(١) مبتدأ خبره «لا يوجب» وهو تتمة للتوهم المزبور وليس توهما آخر ، ولو قال في تقرير هذه الشبهة : «وتدوين تلك القواعد المحتاج إليها على حدة مع عدم تدوينها في زمانهم عليهمالسلام لا يوجب بدعة» كان أخصر وأبين للمطلب ، والأمر سهل.
(٢) هذا هو الجواب النقضي عن شبهة المحدثين ، يعني : وإن كان تدوين هذه القواعد في كتاب في زمن الغيبة بدعة لكان تدوين الفقه بدعة أيضا ، مع أنّ المحدثين بذلوا الجهد في الفقه وألّفوا فيه ، أفهل كان تأليف كتاب فقهي استدلالي بدعة بمجرّد أنّه لم يكن في عصر الحضور؟ أو هل يكون العمل بالقواعد النحوية بدعة لمجرّد أن تدوينها كان في عصر الغيبة وإن كانت القواعد معمولا بها حتى قبل ظهور الإسلام؟
وبالجملة : انّ مقصود المحدثين من دعوى «كون علم الأصول بدعة» إمّا أن يكون لعدم توقف استخراج الأحكام الفرعية عليه ، وإمّا لمنع تسمية هذه القواعد بعلم الأصول ، وإمّا لعدم صحة تدوينها بعنوان علم مستقل.
والكل واضح البطلان ، أمّا الأوّل فلما عرفت من توقف استنباط جلّ الأحكام على على الأصول ، وهذا في الجملة مما يعترف به المحدّث ، لأنه يتعرض لشيء من مباحثه في مفتتح الفقه ومدخله.
وأمّا الثاني فلأنه نزاع لفظي لا يليق بأهل الفضل بعد كون المسمّى محتاجا إليه عند الكل.
وأمّا الثالث فلأنّ تدوينها في كتاب مستقل لا يجعل علم الأصول بدعة ، وإلّا كان تدوينها في مقدمة كتاب الفقه بدعة أيضا ، مع أنه لا يكون كل بدعة حراما ، أعاذنا الله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا.
(٣) هذه خلاصة ما أفاده بقوله : «وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول» إلى هنا.