.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
أنّ قوله في مناقشة الإجماع على جواز التقليد بقوله : «بأنه من الأمور الفطرية الارتكازية» ربّما يستفاد منه أن مقصوده من قوله : «بديهيا جبليا فطريا» هو رسوخ مسألة جواز رجوع الجاهل إلى العالم في النفوس بحيث لا يحتاج إلى إمعان النّظر وإقامة الدليل ، بل الالتفات إلى تلك المقدمات البديهية الضرورية كاف في إذعان العقل بجواز التقليد ، ويكون ارتكاز كل واحد من العقلاء هو منشأ انعقاد سيرتهم على قبول قول الفقيه تعبدا وبلا مطالبة حجة عليه.
ولعلّه لأجل هذا الحكم الفطري الارتكازي أهمل المصنف (قده) هنا الاستدلال ببناء العقلاء على جواز التقليد ، مع أنه جعله من أدلته في تقليد المتجزي ، حيث قال : «وعدم إحراز أن بناء العقلاء وسيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله» ولا بدّ أن يكون قوله : «من الأمور الفطرية الارتكازية» قرينة على مراده من البديهي الجبلي الفطري ، كما أنّه إشارة إلى دلالة بناء العقلاء على رجوع العامي إلى المجتهد.
والحاصل : أنّ المستفاد من مجموع كلمات المصنف الإشارة إلى دليلين على جواز التقليد :
أحدهما : حكم العقل المستقل ، وهو الّذي عبّر عنه صاحب القوانين ببديهة العقل ، لكنه قال بذلك بتوسيط مقدمات الانسداد.
ثانيهما : بناء العقلاء ، إذ الرجوع إلى العارف والخبير من الارتكازيات المغروسة في نفوسهم.
ولو نوقش في الوجه الأوّل أمكن الاعتماد على السيرة العقلائية بضميمة تقرير الشارع لها ، فإنّه بما هو عاقل بل رئيس العقلاء متحد المسلك معهم في كيفية إيصال أحكامه إلى المكلفين ، وعدم إبداع طريقة أخرى لذلك. وسيأتي في الاستدلال بالأخبار ما يدل على الإمضاء. هذا لو قلنا بتوقف اعتبار هذه السيرة على الإمضاء ، ولو قيل بعدم توقفه عليه ، لفرض رسوخها في النفوس وإنما يتوقف الردع عنها على التصريح به ، فالأمر أوضح كما لا يخفى.
ثمّ إنّ في عبارة المتن تأملا آخر ، وهو : أنّ ظاهر قوله : «ان جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة يكون بديهيا جبليا وفطريا» دعوى شهادة الفطرة بجواز التقليد في الأحكام الشرعية ، ويكون قوله : «في الجملة» إشارة إلى اجتماع الشرائط في المجتهد كما ذكرناه في التوضيح تبعا لبعض أعاظم المحشين.
وهذا لا يخلو من شيء ، فإنّ ارتكاز العقلاء وفطرتهم ليس قبول قول الغير تعبدا أي فيما لم