بل هذه (١) هي العمدة في أدلته ، وأغلب ما عداه (٢) قابل للمناقشة ، لبعد (٣)
______________________________________________________
(١) أي : الجبلّة تكون عمدة أدلّة جواز التقليد ، لأنّ أغلب ما عداها من الأدلّة قابل للمناقشة. وهذا شروع في المقام الثاني وهو الوجوه التي اعتمد عليها المجتهدون في إثبات جواز التقليد ، والمذكور منها في المتن أمور وهي خمسة ، ثلاثة منها لبيّة ، وهي الإجماع وضرورة الدين وسيرة المشرعة ، واثنان منها لفظية وهما الآيات والأخبار ، وسيأتي الكلام في كل منها (إن شاء الله تعالى).
(٢) الضمير بقرينة «أدلته» يرجع إلى دليل الفطرة والجبلة. والتعبير بالأغلب لما سيظهر من المناقشة في دلالة غير الأخبار على جواز التقليد.
(٣) تعليل لقوله : «قابل للمناقشة» وأشار (قده) إلى كل واحد من الأدلة مع مناقشته
__________________
يحصل لهم وثوق بما يقول ، ومن المعلوم أن أساس التقليد في الأحكام الشرعية ـ خصوصا مع التفات العامي إلى اختلاف الفقهاء في الفتاوي ـ على قبولها تعبدا ، وإنّما يعمل بها لكونها حجة منجزة أو معذرة ، وحينئذ ينهدم أساس الاستدلال بالفطرة.
وأمّا إرادة حصول الوثوق من قوله : «في الجملة» فهو حمل له على مورد نادر.
وإن كان مقصوده (قده) إدراج المقام في الكبرى الكلية وهي رجوع الجاهل بكل شيء إلى العارف به ، فهذه الكبرى وإن كانت مسلّمة ، إلّا أنّها تختص بموارد إفادة إخبار العالم الوثوق والاطمئنان ، إذ لا تعبد في عمل العقلاء بما هم عقلاء ، ولذا تراهم يعملون بخبر الثقة ولا يعتنون بخبر العدل لو لا الوثوق به. وحيث إنّ أصل التقليد في الأحكام مبني على قبول فتوى المجتهد تعبدا فإدراجه تحت كبرى الرجوع إلى العالم لا يخلو من شيء.
نعم لا بأس بهذا الاستدلال في الجملة أي بالنسبة إلى الجاهل الغافل عن اختلاف الفقهاء في الفتوى ، فإنّه لا يبعد حصول الاطمئنان له برأيه بل القطع بالواقع أحيانا.
وبهذا يشكل الفرار عن محذور الدور الّذي أفاده الماتن بما قد يقال : من درج المقام في كبرى سيرة العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة ، للفرق بين البابين. والظاهر انحصار الطريق في كون مسألة جواز التقليد في هذه الأزمنة من الضروريات التي لا حاجة فيها إلى التقليد ولا الاستدلال حتى يتجه هذا البحث العريض.