لا يقال (١) : إنّ مجرّد إظهار الفتوى للغير لا يدلّ على جواز أخذه
______________________________________________________
من نفاسي عشرين يوما حتى أفتوني بثمانية عشر يوما ، فقال عليهالسلام ولم أفتوك بثمانية عشر يوما؟ فقال رجل : للحديث الّذي روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال «صلىاللهعليهوآلهوسلم : لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمّد بن أبي بكر. فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) : انّ أسماء سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد أتي بها ثمانية عشر يوما ، ولو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل وتفعل ما تفعله المستحاضة» (١).
وظاهره تقريره عليهالسلام لأصل التقليد وأخذ الحكم من العارف به ، لكنه عليهالسلام خطّأ فتوى ذلك الرّجل الّذي أفتى بالنفاس مدة ثمانية عشر يوما اعتمادا على قصة أسماء بنت عميس.
وكخبر علي بن أسباط : «قلت للرضا عليهالسلام : يحدث الأمر لا أجد بدّا من معرفته ، وليس في البلد الّذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك؟ فقال عليهالسلام : ائت فقيه البلد فاستفته عن أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فان الحق فيه» (٢) لظهوره في استقرار سيرة الشيعة في عصر الحضور على الاستفتاء من فقهاء أصحاب الأئمة (عليهمالسلام) وعملهم بما يفتونهم ، ولم يردع عليهالسلام عن هذه السيرة ، وإنّما أرشد السائل إلى طريق معرفة الحكم عند تعذر الوصول إلى فقهاء الشيعة.
وقد تحصل مما ذكرناه في تقريب دلالة الطائفتين الثالثة والرابعة بالملازمة على جواز التقليد : أن جواز الإفتاء عن علم وحجة ـ الّذي هو مدلول مفهوم بعضها ومنطوق بعضها الآخر ـ يكون لغوا في حق السائل لو لم يجب العمل برأي المفتي تعبدا. وتقييد جواز التقليد بما إذا حصل العلم بالواقع من فتوى المجتهد حمل للمطلق على الفرد النادر مع عدم القرينة عليه.
وعليه فلو نوقش في حكم العقل بجواز التقليد فيما لم يحصل علم بالواقع كانت الدلالة الالتزامية في الأخبار المتقدمة كافية لإثبات وجوب قبول فتوى المفتي تعبدا.
(١) هذا إشكال على دلالة الطائفتين الأخيرتين على جواز التقليد ، وذلك بمنع الملازمة
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢ ، الباب ٣ من أبواب النفاس ، الحديث : ٧ ، ص ٦١٣
(٢) الوسائل ، ج ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٢٣ ، ص ٨٣