في أصحابه من يفتي الناس بالحلال والحرام.
______________________________________________________
جواز الإفتاء ، لكن لا ينحصر الدال عليه بالمطابقة فيه كما عرفت ، ولذا صدّر المصنف كلامه هنا بقوله : «مثل ما دلّ» ولم يرد نحوه في الطوائف الثلاث المتقدمة.
وكيف كان فلا بأس بذكر بعض الأخبار. أمّا ما دلّ على مطلوبية الإفتاء فروايات : منها : ما في رجال النجاشي في ترجمة أبان بن تغلب : «وقال له أبو جعفر عليهالسلام : اجلس في مسجد المدينة ، وأفت الناس ، فإنّي أحب أن يرى في شيعتي مثلك» (١).
ومنها : ما رواه معاذ بن مسلم النحوي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «بلغني أنّك تقعد في الجامع ، فتفتي الناس؟ قلت : نعم ، وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج ، إنّي أقعد في المسجد ، فيجيء الرّجل فيسألني عن الشيء ، فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون ، ويجيء الرّجل أعرفه بمودّتكم وحبّكم ، فأخبره بما جاء عنكم ، ويجيئني الرّجل لا أعرفه ولا أدري من هو ، فأقول : جاء عن فلان كذا ، وجاء عن فلان كذا ، فأدخل قولكم فيما بين ذلك. فقال عليهالسلام لي : اصنع كذا ، فإنّي كذا أصنع» (٢).
ولا يخفى ظهور الجملة الأخيرة في مطلوبية الإفتاء بمعالم الدين وبيان الأحكام الشرعية حتى لو كان متوقفا على ذكر آراء أئمة الضلال ، فإنّ المهم بنظر الإمام المعصوم عليهالسلام بيان الأحكام الواقعية وإقامة الحجة على العباد لئلا يعتذروا عن مخالفة الواقع بعدم وصوله إليهم.
ومنها : ما رواه عبد السّلام بن صالح الهروي ، قال : «سمعت الرضا عليهالسلام يقول : رحم الله عبدا أحيا أمرنا ، فقلت : وكيف يحيي أمركم؟ قال عليهالسلام : يتعلم علومنا ويعلمها الناس» الحديث (٣). ودلالته على المطلوب واضحة ، فان دعاءه عليهالسلام لمن أحيا أمرهم دليل على مطلوبية التعليم المنطبق على بيان الأحكام الفرعية أيضا ، فيدل على وجوب القبول ، لئلا يلزم لغوية مطلوبية التعليم.
وأمّا ما دلّ على تقرير الأئمة المعصومين عليهمالسلام للإفتاء بالأحكام الشرعية فكمرفوعة إبراهيم بن هاشم : «سألت امرأة أبا عبد الله عليهالسلام فقالت : إنّي كنت أقعد
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ٧
(٢) الوسائل ، ج ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٣٦ ، ص ١٠٨
(٣) المصدر ، الحديث : ١١ ، ص ١٠٢