وبعضها (١) على جواز الإفتاء مفهوما ، مثل ما دلّ على المنع عن الفتوى بغير علم ، أو منطوقا (٢) ، مثل ما دلّ على إظهاره عليهالسلام المحبّة لأن يرى
______________________________________________________
الجواز.
(١) معطوف على قوله : «بعضها» وهذا إشارة إلى الطائفة الثالثة ، وهي ما يدل بالمنطوق على النهي عن الإفتاء بغير علم ، ويدل بالمفهوم على جواز الإفتاء بالعلم ، ومن المعلوم أن جواز الإفتاء ملازم عرفا لجواز التقليد ، كمعتبرة أبي عبيدة الحذّاء عن أبي جعفر عليهالسلام : «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة والعذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه» (١).
وكخبر مفضّل ، قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرّجال ، أنهاك أن تدين الله بالباطل ، وتفتي الناس بغير علم» (٢).
وكخبر إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض» (٣).
ونحوها غيرها مما يتضمن معنى الشرط ، ومن المعلوم دلالة مفهوم الجملة الشرطية على جواز الإفتاء استنادا إلى الحجج الشرعية والأصول المأثورة عن النبي والأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
(٢) معطوف على قوله : «مفهوما» أي : ويدل منطوق بعض الأخبار على جواز الإفتاء ، حيث يدلّ بالملازمة على جواز التقليد أي : عمل العامي بفتوى الفقيه.
ولا يخفى أن تعبير المصنف (قده) بـ «مثل ما دل» للتنبيه على عدم انحصار هذه الطائفة الرابعة بما ورد في شأن أبان ـ كما سيأتي نقله ـ من إظهار محبّة الإمام المعصوم عليهالسلام بتصدّي أمثال أبان لمقام الإفتاء ، بل ما دلّ على تقرير الإمام عليهالسلام أصل الفتوى في الأحكام الشرعية على النهج الصحيح يكون دالّا بالمطابقة على جواز الإفتاء ، الملازم لجواز التقليد.
نعم لا ريب في أنّ إظهاره عليهالسلام المحبة من إفتاء أبان بن تغلب أوضح دلالة على
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، كتاب القضاء ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ١ ، ص ٩
(٢) الوسائل ، ج ١٨ ، كتاب القضاء ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٢ ، ص ١٠
(٣) المصدر ، الحديث : ٣٢ ، ص ١٦