من الواقع (١) ، فلعلّه يكون ما (٢) هو في الأفضل وغيره سيّان ، ولم يكن لزيادة القرب في أحدهما دخل أصلا.
نعم (٣) لو كان تمام الملاك هو القرب ـ كما إذا كان حجة بنظر العقل ـ لتعيّن الأقرب (٤) قطعا (٥) ،
______________________________________________________
(١) فربما كان الملاك في حجية الفتوى على الطريقية هو الإيصال الغالبي إلى الواقع ، وهذا الملاك موجود في فتوى المفضول أيضا ، بل يمكن رجحان قول المفضول وكونه أزيد إيصالا كما عرفت.
والحاصل : أنّه بناء على كون الأدلة الشرعية في مقام تشريع الحجية للفتوى تكون هي والروايات المتعارضة والبيّنتان المتعارضتان من باب واحد ، فكما لا تكون الأقربية مرجّحة لإحدى الروايتين ولذا قد تتعارض الصحيحة مع الموثقة ، ولا لإحدى البينتين كما إذا كانت إحداهما أوثق من الأخرى مع كون حجية الأمارات من باب الطريقية إلى الواقع المقتضية لكون الأصل الأوّلي فيهما هو التساقط ، كذلك لا تكون الأقربية مرجحة لإحدى الفتويين المتعارضتين على الأخرى بعد صدق عنوان الفقيه والعالم على كل من الفاضل والمفضول على نسق واحد.
(٢) المراد بالموصول هو الملاك ، وضمير «أنه» راجع إلى الملاك ، وضمير «فلعله» للشأن.
(٣) استدراك على قوله : «لم يعلم أنه القرب من الواقع» وغرضه : تسليم أقربية فتوى الأعلم نوعا إلى الواقع من فتوى المفضول إذا كان طريقية فتوى المجتهد في حق العامي بحكم العقل من جهة انسداد باب العلم بالأحكام الشرعية عليه ، فإنّه بناء عليه يتعيّن الرجوع إلى الأعلم ، لكون المناط حينئذ هو القرب إلى الواقع ، ولا يكفي الاقتصار على مطلق الفقاهة في الدين عند المعارضة.
(٤) وهو فتوى الأعلم.
(٥) كما في حجية الظن بناء على الانسداد ، فإنّ الاعتماد عليه ـ دون الشك والوهم ـ إنّما هو بمناط أقربيته إلى الواقع.