.................................................................................................
______________________________________________________
استصحاب جواز تقليده الثابت حال الحياة ، وهذا قد يعتبر وصفا للمفتي ، نظرا إلى كونه ممن ثبت جواز تقليده حال الحياة ، فيستصحب. وقد يعتبر وصفا لقوله ، نظرا إلى كونه مما ثبت جواز التقليد فيه حال الحياة ، فيستصحب. وحيث إنّ الوصف الأوّل من عوارض النّفس ، والثاني من عوارض القول القائم بها لم يلزم من انعدام الحياة انعدام موضوع الحكم لينافي جريان الاستصحاب» ثم ناقش فيه بما أشرنا إليه.
وهذه العبارة كما ترى ظاهرة في جعل المستصحب حكم المفتي باعتبارين : أحدهما كونه جائز التقليد ، وثانيهما : جواز متابعة رأيه. ولم يتعرض لاستصحاب حكم المستفتي.
وقال بعد جملة من كلامه : «واعلم أنّ ما قرّرناه من المنع من تقليد الميت إنّما هو في تقليده الابتدائي كما هو الظاهر ، وإليه ينصرف إطلاق كلام المانعين. وأمّا استدامة تقليده المنعقد حال حياته إلى حال موته فالحق ثبوتها وفاقا لجماعة ، للأصل ، لثبوت الحكم المقلّد فيه قبل موته ، فيستصحب إلى ما بعد موته» وهذا هو الحكم المستفتى فيه.
وكيف كان فتعرّض المصنف «قده» للاستصحاب في التقليد الابتدائي ناظر إلى فرض المستصحب جواز التقليد الثابت في حق العامي المستفتي ، وإن كان يجري أيضا في تقريره الآخر وهو استصحاب حكم المفتي أعني حجية رأيه ، لكونه فقيها جامعا للشرائط. وأمّا جريان الاستصحاب في نفس الأحكام الفرعية التي أفتى بها المجتهد فقد تعرض له المصنف في التقليد البقائي وفاقا لصاحب الفصول.
إذا اتضح ما ذكرناه فنقول في توضيح المتن : إنّ جواز تقليد المجتهد حال حياته كان قطعيّا لهذا العامي ، وبعد موته يشك في ارتفاع هذا الجواز ، فيستصحب. ويكون المقام من قبيل الشك في رافعية الموجود ، ضرورة أنّ الشك نشأ من الموت.
ثم إنّ هذا الاستصحاب يكون تنجيزيا تارة وتعليقيا أخرى ، فان كان الجاهل مدركا للمجتهد الميت ـ مع كونه مكلّفا لكنه لم يقلّده ـ كان استصحاب جواز تقليده تنجيزيّا ، لفرض أنّ هذا العامي كان مكلّفا بالتقليد وكان هذا الميت في حال حياته جامعا لشرائط المرجعية في الفتوى. وإن كان الجاهل المدرك للمجتهد غير مكلّف بالتكاليف الشرعية ، لكونه صبيّا أو مجنونا في عصر المجتهد كان استصحاب جواز تقليده تعليقيا.