التي قلّده فيها (١) ، فإنّ (٢) رأيه وإن كان مناطا لعروضها وحدوثها ، إلّا أنّه (٣)
______________________________________________________
فقد تقدم في التقليد الابتدائي منعه ، لعدم بقاء الموضوع. وما أفاده هناك كان موافقا لما في تقريرات شيخنا الأعظم.
وأمّا استصحاب الحكم المستفتى فيه الّذي حكاه الماتن عن القائلين بجواز التقليد البقائي فقد تقدم حكايته عن الفصول ، وتقريبه أن يقال : إنّ الأحكام التي قلّده فيها ـ من وجوب صلاة الجمعة وجلسة الاستراحة وجزئية السورة وحرمة العصير العنبي المغلي قبل ذهاب ثلثيه ونجاسة عرق الجنب من الحرام وصحة البيع المعاطاتي وغير ذلك ـ كانت معلومة في زمان حياة المجتهد وصارت مشكوكة البقاء بعد موته ، فتستصحب ، فيقال : ان وجوب جلسة الاستراحة باق على حاله ، وكذا غيره.
فان قلت : إنّ هذه الأحكام الفرعية لا يمكن استصحابها كعدم إمكان استصحاب جواز التقليد ، لأنّ منشأ حدوث هذه الأحكام هو الرّأي المفروض زواله بالموت ، ولا معنى لاستصحاب نفس الحكم مع انعدام موضوعه المقوّم له عرفا. وعليه يشترك هذا التقرير مع التقريرين المتقدمين في عدم جريان الاستصحاب ، لانتفاء الموضوع.
قلت : إنّ الرّأي وإن كان له دخل في حدوث الأحكام ـ في نظر المجتهد ـ بالضرورة ، إلّا أنّ دخله في وجودها يكون بنحو الواسطة في الثبوت ، لأنّ الرّأي علّة لعروض الأحكام ـ كالوجوب ـ لموضوعاتها كصلاة الجمعة وجلسة الاستراحة ، من دون دخل موضوعي للرأي في ثبوت الأحكام حتى يكون مقوّما لموضوع الحكم كي يرتفع الحكم بانتفاء الرّأي. هذا تقريب استصحاب الأحكام الفرعية ، وسيأتي بيان مناقشة المصنف فيه.
(١) أي : في الأحكام ، فإن كان التقليد عبارة عن نفس العمل ، فالمستصحب خصوص الأحكام التي عمل بها في زمان حياة المجتهد. وإن كان عبارة عن مجرد الالتزام فالمستصحب جميع الأحكام ، إلّا إذا التزم بالعمل ببعض فتاواه ، فيختص حينئذ مجرى الاستصحاب بذلك البعض.
(٢) أي : فإنّ رأي المفتي. وهذا إشارة إلى وهم تقدم بيانه بقولنا : «فان قلت : ان هذه الأحكام الفرعية ... إلخ» ، وضميرا «حدوثها ، عروضها» راجعان إلى الأحكام.
(٣) أي : إلّا أنّ الرّأي من أسباب العروض ، وهذا إشارة إلى دفع الوهم المزبور ، وقد