وأمّا (١) بناء على ما هو المعروف بينهم من كون قضية الحجية الشرعية جعل مثل ما أدّت إليه من الأحكام الواقعية التكليفية (٢) أو الوضعيّة شرعا في (٣) الظاهر ، فلاستصحاب (٤) ما قلّده من الأحكام وإن كان مجال (*) ،
______________________________________________________
وأمّا تقريب منعه فهو : أنّه لا إطلاق في أدلّة حجية الفتوى ليؤخذ به على حجية فتواه بعد موته ، لما سيأتي في الوجه الآتي وهو الاستدلال بالإطلاقات.
وعلى هذا كان ترك هذه الجملة هنا أولى ، إذ المقصود الاستدلال بالاستصحاب ، فلو فرض وجود إطلاق في أدلة الإفتاء والاستفتاء لما وصلت النوبة إلى التمسك باستصحاب الأحكام الفرعية. ولعلّنا لم نقف على مراده من كلامه زيد في علوّ مقامه.
(١) معطوف على قوله : «كذلك» في قوله : «وإن كان بالنقل فكذلك» يعني : إن كان جواز التقليد وحجية فتوى الفقيه ثابتا بالأدلّة النقليّة فبناء على كون مفاد الحجية الشرعية إنشاء الحكم المماثل فالاستصحاب وإن كان يجري ظاهرا لاجتماع أركانه من اليقين بالحدوث والشك في البقاء. إلّا أنّه بعد التأمل في المرتكزات العرفية لا يجري أيضا كما لا يجري فيما إذا كانت الحجية الشرعية بمعنى التنجيز والتعذير.
والوجه في جريانه هنا هو : أنّ الرّأي بالنظر العرفي البدوي علّة لعروض الحكم الظاهري كالوجوب على موضوعه كجلسة الاستراحة ، فيقال : «ان جلسة الاستراحة واجبة على المقلّد قطعا ، لأنّ رأي المجتهد أدّى إليه» فالرأي حيثية تعليلية لعروض الحكم على موضوعه ، لا حيثية تقييدية ، فلو زال الرّأي بالموت لم يقدح في بقاء نفس الوجوب على معروضه أعني جلسة الاستراحة.
وأمّا وجه عدم جريان الاستصحاب فيه فسيأتي (إن شاء الله تعالى).
(٢) كوجوب جلسة الاستراحة وحرمة العصير الزبيبي كالعنبي ونحوهما. والأحكام الوضعيّة كحصول التذكية بفري الودجين أو بغير الحديد ، والملكية بالمعاطاة ، وغير ذلك.
(٣) متعلّق بـ «جعل مثل» أي : دلالة أدلّة حجية الفتوى على جعل الحكم الظاهري الشرعي المماثل لما أفتى به المجتهد.
(٤) جزاء قوله : «وأمّا بناء» وقد تقدم تقريب جريان الاستصحاب آنفا.
__________________
(*) ما أفاده (قده) من تمامية ركن اليقين بالحدوث بناء على الالتزام بجعل المماثل لا يخلو من