تكلّفنا في بعض تنبيهات الاستصحاب (١) ، فراجع. ولا دليل (٢) على حجية رأيه السابق في اللاحق.
______________________________________________________
الحكم الواقعي ، وهو غير مقطوع به في فتوى المجتهد ، لاحتمال خطائها وعدم إصابتها للواقع ، وإذا لم يكن يقين بثبوت الحكم الواقعي كوجوب جلسة الاستراحة فلا موضوع للاستصحاب المتقوّم باليقين والشّك.
(١) يعني : في التنبيه الثاني ، حيث قال في آخر كلامه : «ولكن الظاهر أنّه ـ أي اليقين بالثبوت ـ أخذ كشفا عنه ومرآة لثبوته ، ليكون التعبد في بقائه ...». وحاصله : أنّ اليقين في الاستصحاب أخذ طريقا ومرآة ، وأدلّة الاستصحاب في مقام جعل بقاء شيء على تقدير ثبوته ، لا بقائه على تقدير العلم بثبوته حتى يشكل جريانه هنا بعدم اليقين بالحدوث.
وعليه فمؤدّى الأمارة ـ كخبر الثقة وفتوى الفقيه ـ لمّا كان وجوب صلاة الجمعة مثلا فهو باق على حاله على تقدير ثبوته واقعا ، فيكفي في صحة الاستصحاب الشك في بقاء شيء على تقدير حدوثه.
وفي المقام نقول : إنّ وجوب صلاة الجمعة مثلا ـ الّذي أفتى به المجتهد وقلّده العامي فيه ـ باق على حاله بعد الموت على تقدير ثبوته ، وكذا سائر الأحكام الفرعية.
والمتحصل : أنّه لا بأس بجريان الاستصحاب في الأحكام الفرعية الثابتة بالاجتهاد لموضوعاتها ، فإنّ الاجتهاد أمارة على تلك الأحكام ، فعلى تقدير ثبوتها يشك في بقائها بعد الموت ، فتستصحب على تقدير ثبوتها.
(٢) هذه الجملة ترتبط ظاهرا بقوله : «وإن كان بالنقل فكذلك على ما هو التحقيق ... فلا مجال لاستصحاب ما قلده» ويكون المقصود من قوله : «ولا دليل» الإشارة إلى منع تقريب آخر لجواز البقاء على تقليد الميت.
أمّا تقريب أصل جواز البقاء فهو : أنّ استصحاب الأحكام الفرعية وإن لم يكن صالحا لإثبات جواز البقاء ، لعدم اليقين بالثبوت. إلّا أنّ إطلاق دليل حجية رأي المجتهد ـ كما سيأتي بيانه ـ لحال موته كاف في إثبات جواز تقليده بعده.