مع إمكان (١) دعوى الانسباق إلى حال الحياة فيها (٢).
______________________________________________________
يقول بوجوب الاجتهاد عينا على عامّة المكلفين أو بوجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي بالأحكام ـ ظهر حال إطلاق الأخبار الدالّة على جواز التقليد بطوائفها المتعددة ، فإنّها كالآيات مهملة من هذه الحيثية ، لعدم كونها في مقام بيان ما له دخل في التقليد من شرائط المرجع وما يصح التقليد فيه وغير ذلك حتى يكون الإطلاق نافيا لكلّ ما شكّ في اعتباره في تحقق التقليد.
وما أفاده المصنف حول الأخبار فيه جهة اشتراك مع الآيات وجهة افتراق. أمّا جهة الاشتراك فهي ما عرفت من دلالة الأخبار على جواز التقليد في الجملة ، كالآيات بناء على دلالتها على مشروعية أصل التقليد ، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفصل الأوّل من مباحث التقليد.
وأمّا جهة الافتراق فهي أنّه يمكن دعوى ظهور الأخبار المتقدمة في اعتبار الحياة في المفتي ، فهي أدلّ على شرطية الحياة من الدلالة على جواز تقليد الميت ، وذلك فإنّ مثل «من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، ورواة أحاديثهم ، وكل مسنّ في حبّهم» ونحوها من العناوين الواردة في الروايات المتقدمة منصرفة إلى الأحياء من العلماء ، لأنّ ظهور العناوين المشتقة كقوله عليهالسلام : «صائنا لنفسه» في من يكون متصفا فعلا بالصفات المذكورة ـ لا من كان متصفا في زمان بصيانة نفسه مع خروجه حين التقليد عن أهلية الاتصاف بها للموت ـ مما لا مساغ لإنكاره ، فإنّها نظير قوله : «احترم الفقيه العادل أو تواضع له» فهل يحتمل أحد أن يراد بالفقيه مطلق الفقيه سواء كان حيّا أم ميّتا؟
وعلى هذا فروايات باب الإفتاء والاستفتاء تكون دليلا بظهورها الإطلاقي على اعتبار الحياة في جواز التقليد ، ويتوقّف شمولها للميّت على مئونة زائدة ثبوتا وإثباتا ، فكيف يتمسك بإطلاقها على مشروعية تقليد الميّت؟
(١) هذا جهة افتراق الأخبار ـ الدالة على جواز التقليد ـ عن الآيات المستدل بها عليه ، وقد تقدم توضيحه بقولنا : «وأمّا جهة الافتراق فهي أنّه ... إلخ».
(٢) أي : في الروايات.