.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
مع أن أصل هذا البيان ممنوع أيضا بما أفاده المحقق الأصفهانيّ هناك ، فراجع كلامه متنا وهامشا (١).
ومنه تعرف الإشكال في كلام المحقق المشكيني «قده» من «أن الاعتبارات الوضعيّة على قسمين ، فمنها ما يتعلق بالمعيّن كالزوجية ، ومنها ما يتعلق به وبأحدهما لا بعينه كالملكية ، والظاهر أن الحجية من قبيل القسم الثاني» لما عرفت من أن الغرض من الحجية بعث المكلف نحو المتعلق ، ولا يعقل البعث نحو المبهم. وهذا المقدار اعترف المصنف به في هامش بحث الوجوب التخييري ، وإنّما ادّعى إمكان إيجاب أحد الفردين لكون الوجوب أمرا اعتباريا.
وأما بيع صاع من صبرة والوقف على أحد المسجدين ونحوهما مما ظاهره تعلق الأمر الاعتباري الوضعي بالمردد فهو أجنبي عن المقام ، وتحقيقه موكول إلى الفقه الشريف.
ومع الغض عن جميع ما تقدّم يرد عليه إشكال آخر أفاده شيخنا المحقق العراقي ووافقه سيدنا الأستاذ في حقائقه ، ومحصله : أن العلم الإجمالي بكذب أحد الخبرين لا يمنع شمول دليل الاعتبار لكل واحد من المتعارضين إلّا على مبنى سراية العلم إلى الخارج ، وهو ممنوع ، فان متعلق العلم هو الصورة الإجمالية ، وهذا لا يسري إلى صورة أخرى ولا إلى الخارج ، وكل منهما مشكوك الكذب ، ولا مانع من شمول دليل الاعتبار لكل خبر محتمل الصدق والكذب ، والخارج عن الحجية هو معلوم الكذب ، إذ العلم بالكذب هادم للمقتضي وهو احتمال الصدق.
فإن قلت : العلم الإجمالي بالكذب وإن كان لا يسري إلى الخارج ، إلا أنه ينجز متعلقه ، فيجب الاحتياط في أطرافه.
قلت : الكذب الواقعي لا يمنع عن شمول دليل الحجية حتى يكون العلم به علما بالمانع ، وإلّا لزم اختصاص الحجية بما هو معلوم الصدق ، وهو خلف ، بل لا معنى لجعل الحجية لما هو معلوم الصدق ، فإن موضوع دليل الاعتبار ما فيه احتمال الإصابة ، فلا دخل للصدق والكذب الواقعيين في اعتبار الحجية للخبر. وحيث لا علم بكذب أحدهما بالخصوص ولم يكن الكذب الواقعي مانعا فلا يمنع العلم الإجمالي بكذب أحدهما عن شمول دليل الاعتبار لهما.
وينحصر الوجه في أصالة التساقط في امتناع التعبد بالمتناقضين أو المتضادين ، ودخول أحدهما بعينه تحت دليل الحجية دون الآخر بلا مرجح ممتنع ، وأحدهما لا بعينه ليس فردا للعام ، فلا بدّ من خروجهما معا عن دليل الاعتبار (٢).
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٢ ـ ٦٩ من الطبعة الثانية بقم المقدسة عام ١٣٧٩
(٢) نهاية الأفكار ، ٤ ـ ٤٢٠ ، حقائق الأصول ، ٢ ـ ٥٥٨