.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ قال نوّر الله مرقده : وأمّا ثانياً فلأنّ الفاء في قوله : فيأتي بثالثة تقتضي كون الإتيان بفريضة ثالثة متفرّعا على الأقرب وما في حيّزه ولا يستقيم إلّا إذا اريد الجمع بين الأمرين معا ، لأنّ الإطلاق لا يقتضيه.
أقول : اقتضاء الفاء التفريع المذكور غير ظاهر ، بل الظاهر أنّه متفرّع على التعيين كما أسلفناه وهو أقرب من تفريعه على الأقرب وهذا ممّا لا غبار عليه ولا مرية فيه.
ثمّ قال أعلى الله تعالى قدره : وأمّا ثالثاً فلأنّ قوله : فيتخيّر بين تعيين الظهر إلى آخره لا ينطبق إلّا على ما ذكرناه ، لأنّه جمع فيه بين التعيين والإطلاق ولا يستقيم ذلك مع الإطلاق وحده ولا مع التعيين وحده.
أقول : عدم استقامته إنّما نشأ من جعله تتمّة لما قبله أمّا إذا جعل إشارة إلى بيان طريق ثالث كما ذكرناه فاستقامته غنيّة عن البيان كما لا يخفى.
ثمّ قال قدّس الله تعالى روحه : ولأنّ معنى قوله : فيطلق بين الباقيتين ، إطلاقه بين الفريضتين الباقيتين من المزيد عليهما الثالثة بعد تعيين واحدة منهما ولا ينتظم إلّا على ذلك التقدير ولأنّ الضمير في يتخيّر لا مرجع له بدون ما ذكرناه ، إذ لا يستقيم عوده إلى المكلّف * باعتبار جواز الإطلاق له وهو ظاهر ولا باعتبار التعيين ، لأنّ المتبادر تعيين الجميع فلا يطابق ولو جعل أعمّ من تعيين الجميع أو البعض لكان فيه مع اختلاف مرجع الضمير فيه وفيما قبله فوات النظم العربي ، لأنّ التقدير حينئذ والأقرب جواز الإطلاق فيهما له وجواز التعيين الصادق بتعيين الكلّ وتعيين البعض خاصّة فيأتي على تقدير التعيين بمعيّنة ثالثة ويتخير من أراد التعيين في البعض خاصة إلى آخره وهذا كلام متهافت منحط عن درجة الاعتبار.
أقول : قد عرفت معنى قوله : فيطلق بين الباقيتين. وسنشبع الكلام فيه أيضاً وقوله رحمهالله : إنّ الضمير لا مرجع له بدون ما ذكرناه ، عجيب ، فإنّه على ما قرّرناه يعود
__________________
(*) لم لا يجوز أن يعود إلى المكلف من حيث هو لا باعتبار الإطلاق ولا التعيين (منه).