.................................................................................................
______________________________________________________
فيكتفي بالمرّتين كما في الطريق الأوّل.
ووجه ما استقر به المصنّف رحمهالله من تخيير المكلّف بين هذه الطرق الأربعة أنّ كلّا منها طريق إلى براءة الذمّة ، والمخالف في ذلك أبو الصلاح وابن زهرة حيث أوجبا التعيين ولم يجوزا الإطلاق محتجّين بعدم جواز الترديد في النيّة مع إمكان الجزم.
هذا ، واعلم أنّ الشارح المحقّق الشيخ علي قدسسره نزّل عبارة الكتاب على بيان الطريق الثالث والرابع فقط وجعل الوجوه الثلاثة الاول وجها واحدا للجمع بين الإطلاق في إحداهما والتعيين في الاخرى ، فأوجب أن يقرأ التعيين بالنصب في قول المصنف : والأقرب جواز إطلاق النيّة فيهما والتعيين ، على أنّه مفعول معه والواو بمعنى مع لا عاطفة ، وجعل قوله : ويتخيّر إلى آخره من تتمة وجه الجمع. قال : وليس المراد جواز الإطلاق وجواز التعيين ليكون ردّا على أبي الصلاح كما ذكره الشارحان الفاضلان أمّا أوّلا فلأنّ خلاف أبي الصلاح جار في مسائل الباب كلّها فتخصيص ردّه بهذا الموضع لا وجه له *.
أقول : لا يكاد يخفى على المصنف كثرة التكلّف فيما ذكره طاب ثراه ولا اظنّك تمتري في أنّ تنزيل عبارة الكاتب على بيان الوجوه الأربعة كما ذكرنا أوّلا أولى من تنزيلها على بيان الوجهين فقط كما ذكره ، كيف والعطف مع الإمكان أولى من النصب ، لأصالة الواو في ذلك كما صرّح به جمهور النحاة وتخصيص الردّ بهذا الموضع أولى مما بعده وهو ظاهر ومما قبله ، لأنّ المذكور قبله ما لو كان الفائت فريضة واحدة ولا يجري فيها وجوه الإطلاق الثلاثة فكان التنبيه على ردّه فيما يجري فيه الوجوه الثلاثة أنسب فكأنّه قال لا يتعيّن عليه التعيين كما هو مذهب أبي الصلاح ، بل طرق ثلاثة اخرى فضلا عما دونها وهذا القدر كاف في التخصيص بهذا الموضع كما لا يخفى.
__________________
(*) وأيضا لو كان مراد المصنّف ما ذكره لم يكن للواو في قوله ويتخير مجال ، بل كان المناسب فيتخيّر بالفاء التفريعية كما تقتضيه اللهجة العربية (منه عفي عنه).