وأما قوله تعالى : (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) [الأعراف : ٨٩] ، فإن ذلك على وجه الانقطاع إلى الله عزوجل ، وإظهار قدرته ، إنه لو شاء أن يجبرنا على المعصية لما قدرنا على الامتناع ، فافهم ذلك.
وأما الرواية عن علي بن الحسين عليهالسلام فلا تصح لفظا ولا معنى ، أما اللفظ فإن القدري من يلهج بذكر القدر ويعتقده لا من ينفيه ، كما أن الثنوي اسم لمن أثبت الثاني إلى غير ذلك ، والآثار في ذلك عن آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عموما لا يرون بذلك ، بل يردون على من زعمه وادعاه ، بل في عموم بني هاشم فضلا عن أهل البيت عليهمالسلام حتى قيل : العدل هاشمي ، والجبر أموي ، فكيف لعلي بن الحسين عليهالسلام وهو صفوتهم وخلاصتهم ، وزين العابدين ، وسبط سيد شباب أهل الجنة.
وأما من جهة المعنى فنحن نبين لك على وجه الاختصار.
وأما قول العدلي : الذي سماه قدريا جل ربنا عن الفحشاء وعن القبيح فكذلك نقول ، وهو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الأعراف : ١٨] ، ولو كانت الفحشاء تعالى ذلك من فعله والقبائح من صنعه لكانت هذه الأسماء سوءا تعالى عنها ربنا ولم تكن حسنى.
وأما روايته عن علي بن الحسين : أيكون في ملكه ما لا يشاء ، فعلي بن الحسينعليهالسلام أكبر العلماء وأخص معرفة بالله تعالى من أن يجهل أن الله لا يشاء المعاصي ولا القبائح ولا تكذيب رسله ، وقتل أنبيائه ، ومعصية أمره ؛ لأنه حكيم والحكيم لا يكون إلا هكذا ، وإنما يكون في ملكه ما لا يشاء ، وهو قادر على المنع ولم يمنع لإبلاغ الحجة ، وكمال المعذرة ، ولأن العاصي غير فائت والمطيع غير مسبوق بثوابه.