عليهمالسلام أعرف بتوحيد الله تعالى وعدله ، وسائر صفاته ، وما يجب عليه ويستحيل ، وأنهم لا يسألون الله تعالى ما لا يعلمون ، وقد قال موسى عليهالسلام : (رب أرني انظر إليك). قال : وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته» (١) وروي بلفظ غير هذا والمعنى واحد. قال : وقد كفى الله بخذلهم ، وبين لهم أمرهم بقوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) [السجدة : ١٠] ، وقال تعالى في اللقاء : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) [الأحزاب : ٤٤] يعني بذلك المؤمنين.
الجواب عن ذلك وبالله التوفيق : أن مذهب آل محمد سلام الله عليه وعليهم وكافة أهل العدل والتوحيد من أتباعهم رضي الله عنهم متقرر على نفي الرؤية عن الله سبحانه في الدنيا والآخرة لكون ذلك مستحيلا في حقه جل وعلا من أن تدركه الأبصار ، وتحيط به الأقطار ، وتدركه الحواس ، أو يقاس بالناس ، وكيف تدرك الجوارح باريها ، وتشاهد الأدوات خالقها ، فلو شاركها في أن يكون مدركا لكان محتاجا إلى الصانع مثلها.
وعندنا أنه تعالى لا يرى بالأبصار وهذا مذهب العدل ، والدليل على ذلك : أنه لو جاز أن يرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن ؛ ومعلوم أنا لا نراه الآن فثبت أنه لا يجوز رؤيته في حال من الأحوال ، أما أنه لو جاز أن يرى في حال
__________________
(١) أخرجه بهذا اللفظ أبو عوانة في مسنده ١ / ٣٧٦ ، وهو في مسند أبي حنيفة ١٩ ، كما في موسوعة أطراف الحديث ٥ / ٢١٤ وهو في نفس الموسوعة ٣ / ٤٩٧ بلفظ : «إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته» وعزاه إلى تفسير ابن كثير ٨ / ٣٠٥ ، والسنة لابن أبي عاصم ١ / ١٩٦ ، وشرح السنة للبغوي ٢ / ٢٢٤ ، وإتحاف السادة المتقين ١٠ / ٥٥٣ ، وهو في موسوعة أطراف الحديث ٣ / ٥٠٠ بلفظ : «إنكم سترون ربكم ...» إلخ وعزاه إلى البخاري ١ / ١٤٥ ، ٦ / ١٧٣ ، ومسلم في المساجد ٢١١ ، وأبي داود برقم (٤٧٢٩) والترمذي برقم (٢٥٥٤) ، وابن ماجه برقم (١٧٧) ، وأحمد بن حنبل ٤ / ٣٦٠ وغيرها.