وأما أنه لا يجوز إثبات ما تمدح بنفيه عن نفسه فلأن ذلك يكون نقصا في حقه وإلحاق النقص به لا يجوز.
وأما قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] فالحسنى عند أهل البيتعليهمالسلام المستحق ، والزيادة التفضل ، فلا بد من حصول ذلك لهم في دار الكرامة.
وأما قولهم : إن العيون الباقية تدركه فلا فرق في الإدراك بين الباقية والفانية ، فلو أدركته عيون الآخرة لأدركته عيون الدنيا إلا أن يدعي إدراك غير معقول كما زعمته الأشعرية ، فكذلك يفتح باب الجهالات.
وأما أن ذلك رأي الصحابة فهو غير مسلّم ، لأن رءوس الصحابة أهل بيت النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فأقوالهم شاهدة متواترة متظاهرة ، بنفي الرؤية عن الباري عزوجل في الدنيا والآخرة ، ويكفيك من ذلك المشهور من علي بن أبي طالب أمير المؤمنين سلام الله عليه وعلى آله الطيبين في (نهج البلاغة) وغيره فإنه مشحون بذلك.
وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال : (رآه بعيني رأسه) (١) فإن ذلك صحيح ،
__________________
(١) قال السيوطي في الديباج ١ / ٢٢٢ قال النووي : الراجح عند أكثر العلماء أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى ربه بعيني رأسه ليلة الإسراء لحديث بن عباس وغيره ثم تكلم في ذلك منتصرا لمذهبه في الرؤية ، وانظر في ذلك فتح الباري ٨ / ٦٠٩ تجد كلاما في هذا الموضوع وتجد ما ينفيه في السنن الكبرى للنسائي الجزء السادس ص ٣٣٥ ، ٤٧١ ، ٤٧٢. وأن رسول الله رأى جبريل وكذلك في سنن الترمذي ج ٥ / ٢٦٢ ، ٣٧٤ ؛ ما يفيد أنه رأى جبريل. وما روي عن ابن عباس أن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى ربه فهو مروي عن عكرمة وعكرمة من أكذب الناس على ابن عباس. وانظر في الموضوع مسند أبي عوانة ١ / ١٥٥ ، ومجمع الزوائد ٧ / ١٥٥ ، ومسند الربيع ص ٤٣ ، وفيه عن عائشة : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. وكذلك انظر صحيح ابن حيان ١ / ٢٥٧. والبخاري ٣ / ١١٨١ ، ٤ / ١٨٤٠ ، ٦ / ٢٦٨٧ ، ومسلم ١ / ١٥٩. وانتصر ابن أبي عاصم في كتابه السنة ١ / ١٨٨ لحديث عكرمة عن ابن عباس ولا عبرة بمثل ابن أبي عاصم المجسم في مثل هذا الموضوع.