وَالْأَمْرُ) [الأعراف : ٥٤] ، فرق بين الأمر والخلق ؛ فلو كان مخلوقا لما كرر الأمر ، وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «القرآن كلام الله ومن قال مخلوق فهو كافر» إلى غير ذلك من الأخبار.
الجواب عن ذلك : أن مذهب آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ومذهب أهل العدل والتوحيد من علماء الأمة : أن القرآن كلام الله سبحانه ، ووحيه وتنزيله ، نزل به الروح الأمين ، على محمد خاتم النبيين صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين والمخلوق يحتمل معنيين : أحدهما : المكذوب قال الله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) [العنكبوت : ١٧] و (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) [ص : ٧] فعلى هذا الوجه لا يجوز وصف القرآن الكريم بأنه مخلوق لأنه الصدق الذي لا يشوبه الكذب ، والجد الذي لا يخلطه اللعب ، والثاني : المحدث الموجود بعد القدم المقدر على وجه الحكمة ، فهذا يجوز وصف القرآن الكريم به ، بل هو الواجب فيه ، قال تعالى في صفته: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) [الأحقاف : ١٢] ، وما كان قبله غيره فهو محدث ، وقال الله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) [الشعراء : ٥] ، فوصفه بالحدوث ، والحدوث والخلق الذي بمعنى الحدوث واحد ؛ لأنه مرتب منظوم يوجد بعضه في إثر بعض ، وذلك دليل الحدوث ؛ أما أنه مرتب منظوم يوجد بعضه في إثر بعض فذلك ظاهر ، وأما أن ذلك من أمارة الحدوث فلسنا نريد بالمحدث إلا الموجود بعد غيره وإن سبقه غيره ، وذلك المعقول من المحدث عند الكافة من أهل العلم.
وأما قوله : إنه صفة من صفات الله تعالى القديمة فهذا بناء للفساد على الفساد ، إذ المحصلون من آل محمد بل الأمة الوسط لا يثبتون قديما