والكافرون المعطلون لنعم الله تعالى بالجحدان والعصيان ، فهذا ما توجه عندنا في معنى هذه الآية ، ومن الله نستمد التوفيق.
مسألة قوله : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٣٣] ، فما معنى الموالي هاهنا والذين عاقدت الأيمان منهم؟
الجواب عن ذلك : أن المولى في أصل اللغة ابن العم ، والقريب ، والناصر ، والحليف ، والأولى ، والمالك للتصرف ، والمعتق ، والمعتق ؛ والموالي فيما ترك الوالدان هم بنو العم ، ومما ترك الأقربون الناصرون ، والذين عاقدت أيمانكم موالي أيضا بالحلف ، وكانوا يتوارثون بالحلف بالجاهلية وصدرا من الإسلام ، ثم نسخ الله ذلك بآيات المواريث للعصبات ، وذوي السهام ، وذوي الأرحام.
مسألة قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) [النساء : ٩٢] ، هل إلا هنا بمعنى ولا ، فكيف يصح أن يقال فيه : له أن يفعله أو ليس له أن يفعله ، وإن كانت إلا حرف استثناء فكيف يصح الاستثناء لشيء لم يدخل تحت المستثنى منه ، وما معنى قوله في آخر الآية (تَوْبَةً مِنَ اللهِ)؟
الكلام في ذلك ومن الله نستمد التوفيق والمعونة : أن الله تعالى أخبرنا بمصالح ديننا ومراشد أمرنا ، وبيّن لنا الأحكام ، وبيّن الحلال من الحرام فقال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) ، فنفى جواز قتل المؤمن ، وأكد حرمته من المؤمن لاشتراكهما في الإيمان والأخوة الدينية ، وإن كان الكافر لا يجوز له قتل المؤمن أيضا ، وإنما خص المؤمن بالذكر ليعظم حرمة الإيمان العاصمة لمن عقلها عن ارتكاب العظائم ، واقتراف المآثم ، ثم قال تعالى: (إِلَّا خَطَأً) فاستثنى من القتل لا من الجواز ، ومعلوم أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ وهما في حالة