واجبة الاتباع ، فما دل عليه عدله وحكمته يوجب ذلك ، ألا ترى أن قاضيا من قضاة المسلمين لو قال : قد اخترت فلانا شاهدا ووجب عندي قطع الحق بقوله ، لدلنا ذلك أنه قد رضي بقوله وثبتت عدالته عنده ، وأنه لا يقول إلا ما يجب العمل به فعلّام الغيوب أولى بذلك إذا اختار هذا النصاب للشهادة على الناس دل ذلك على أنهم عدول عنده وأنهم لا يقولون إلا الحق ، وما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون.
وقول من يقول : إن عموم الآية يتناول جميع ولد إبراهيم من اليهود والنصارى وغيرهم من ولد إبراهيم من سائر القبائل ، قول لا وجه له ، لأنه وإن كان كذلك فإن الأخبار الواردة من جهة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أوجب متابعة من عدا عترته من القبائل ، فالآية وإن كانت عموما قد خصتها الأخبار الواردة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والكتاب والسنة محدثان إلى جهة واحدة ، فلا يجوز الفرق بينهما ، ولم ينص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن قول غير عترته من القبائل حجة ، فيجب حمل الآية على أن المراد بها عترته عليهمالسلام دون سائر ولد إبراهيم لهذه الدلالة ، فهذا الذي دل عليه الكتاب.
وأما السنة فالدلالة منها قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» والكلام في هذا الخبر يقع في موضعين : أحدهما في صحته في نفسه ، والثاني : في وجه الاستدلال به ، أما الكلام في صحته فإن ظهوره بين الأمة وانتشاره فيها بحيث لا دافع له ولا راد له ، دلالة على صحته ، لأنه لو لم يكن من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لدفعوه وردوه لأنه يتضمن وجوب متابعتهم قولا وعملا واعتقادا ، وذلك وجوب اتباعهم في الأصول والفروع على ما بينه.