الجواب عن ذلك : أن المسلم يلزمه تجنب ذلك إن كان غنيا وإن كان فقيرا في وقت الإمام يجتنبه لأن المال قد لحق بالحقوق ، وإن كان في غير وقت الإمام وهو فقير كان له أن يتناول ذلك لكونه من أهله ، ولا يفتقر فيه إلى إذن ؛ لأنه حق أخذه مستحقه ، ولمن هو في يده عليه ولاية ؛ فإذا سلمه برضاه كان لهذا تسلمه.
المسألة الرابعة
قال أيده الله : ما يكون في حكم من تصرف في الدينار والدرهم الذي تضرب باسم الظلمة ، وهل إذن الإمام بالتصرف في ذلك يجزي ويخلص من قبضه من الإثم والضمان أم لا؟
الجواب عن ذلك : إن المتصرف بنقود الظلمة إن كان غنيا فهو مغتصب ويلزمه الضمان ، وإن فقيرا جاز كما قدمنا في المسألة الأولى ؛ وإذن الإمام يسقط الإثم والضمان ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «هدايا الأمراء غلول» (١) ثم أذن لمعاذ في ذلك وقت قدومه اليمن فضاع المحذور بالإذن ، وسقط الضمان كما ترى ؛ فأهدي له ثلاثون رأسا من الرقيق ، فطالبه فيها أبو بكر فامتنع عليه وقال : (هذه طعمة أطعمنيها الله تعالى وما كنت لأعطيك إياها) فطلبهم ذات يوم بعدهم فلما جاءوا قال : أين أنتم؟ قالوا : نصلي قال : لمن؟ قالوا : لله تعالى. قال : فاذهبوا فأنتم أحرار لوجهه ؛ ذكرنا تمام الخبر لفائدته في الترغيب في الخير ونفع المسلمين.
__________________
(١) الحديث في موسوعة أطراف الحديث النبوي ١٠ / ١٩٥ وعزاه إلى البيهقي في السنن الكبرى ١٠ / ١٣٨ والتمهيد لابن عبد البر ٢ / ٩ ، ١٠ ، ١٦ ، إتحاف السادة المتقين ٦ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، وتلخيص الحبير ٤ / ١٨٩ ، مجمع الزوائد ٤ / ١٥١ ، والكامل في الضعفاء لابن عدي ١ / ١٧٧ ، ١٩٥ ، وهو بألفاظ أخرى في الموسوعة ١٠ / ١٩٥ ، ١٩٦ وانظر بقية المصادر هناك.