فقال : لا يجوز. وكأن السائل يعرض إلى بعض بلاد بخولان تسمى ذي الحجاج وطال الحاج إلى أن قال شيخ آل الرسول طول الله مدته ، لا يجوز له أن يأخذ من مصر شيئا إلا بإذن الإمام أو إجازته ، فصوبنا ذلك وهو قولنا ؛ لأنا لو جوزنا أن يكون الناس فوضى في وقت الإمام فما الحاجة إليه إذا كان كل يأخذ لنفسه ويعتزل ، ويلزم أرفق الأماكن به وأصلحها لملاءمة غرضه ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليس لك إلا ما طابت به نفس إمامك» وما فرع على كلامه فقد أتي على أصله وقطع دابره برمته إن تأمل ما تقدم منصف ، وقال : لو جاز لذلك لجاز أن يحكم الحاكم بغالب ظنه دون علمه وطول في الشرح ، ولا شك أن الحاكم يحكم بغالب ظنه دون علمه مع الشهود ومع اليمين لأن قول الاثنين لا يوجب العلم ، ويجوز أن يرجع الشهود عن الشهادة ، فهل انقلب العلم أم المعلوم عند السائل ويلائمه كيلا بغير ثمن ، ثم سر في غلوائه ، ورمى بدخيلة حوبائه ، وأوجب الاحتياط في الفروج ، ولا نشك في وجوبه ، ولم نفرق بين الاحتياط والتجويز والأمر لم يبنى على التجويز ، والاحتياط استبراء الظاهر ، فليتفهم ما ألقينا إليه راشدا.
قال : ويلزم ذلك إمامكم ، ولا شك أن الحكم في سوى ذلك والإمام في ذلك بتوفيق الله اليد الطولى عند من لم ينظر بعين العناد والقلى ، وذكر التضمين وأسهب في ذكره ، ولا شك أن الحكم يختلف بالأعيان والأزمان ، والأوقات والأحوال ، فمن علم أن عليه شيئا من المضمونات ضمن ، ومن كان بريئا من ذلك عوقب ، ومن رأى الإمام أو واليه العفو عنه عفا.
وأما قوله : أقل الأحوال أن يكون الموضع موضع شبهة فهذا انهزام إلى غير فئة وجري إلى غير غاية ، وهل ترك البرهان للشبهة محلا ، وقد حلها عن أهل