صومه بزوال عقله ، وهو قول الشيخ أبي جعفر (١) رحمه الله ، وأكثر علمائنا (٢) ، وأحد أقوال الشافعي (٣) ، وهو المعتمد ؛ لأنّه بزوال عقله سقط التكليف عنه وجوباً وندباً ، فلا يصحّ منه الصوم مع سقوطه .
ولأنّ كلّ ما يفسد الصوم إذا وجد في جميعه ، أفسده إذا وجد في بعضه ، كالجنون والحيض .
ولقول الصادق عليه السلام : « كلّما غلب الله عليه فليس على صاحبه شيء » (٤) .
والقول الثاني لعلمائنا : إنّه إن سبقت منه النية ، صحّ صومه ، وكان باقياً عليه ، اختاره المفيد (٥) رحمه الله ، وهو ثاني أقوال الشافعي (٦) .
وثالث الأقوال : إنّه إن أفاق في أوله أو وسطه أو آخره ، صحّ صومه ، وإلّا فلا (٧) .
وقال مالك : إن أفاق قبل الفجر واستدام حتى يطلع الفجر ،صحّ صومه ، وإلّا فلا (٨) .
وقال أحمد : إذا أفاق في جزء من النهار ، صحّ صومه (٩) .
وقال أبو حنيفة والمزني : يصحّ صومه وإن لم يفق في شيء منه ؛ لأنّ
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٦ .
(٢) منهم : المحقّق الحلّي في المعتبر : ٣٠٩ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٢٩١ و ٢٩٢ .
(٣) المهذّب للشيرازي ١ : ١٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٤٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ .
(٤) التهذيب ٤ : ٢٤٥ / ٧٢٦ .
(٥) المقنعة : ٥٦ .
(٦ و ٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٤٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ .
(٨) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٧ .
(٩) المغني ٣ : ٣٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٦ .