ويحتمل أن يكون قد حصل بشهادة الأعرابي ظنّ ، فأمر النبي صلّى الله عليه وآله بالصوم غداً ؛ ليتحفّظوا من الفطر ، فربما شهد بعد ذلك في النهار (١) شاهد آخر ، فيثبت أنّه من رمضان ، فلا ينبغي المبادرة فيه بالإِفطار .
وقول أمير المؤمنين عليه السلام ، نقول بموجبه ، ولا يدلّ على مطلوبهم ؛ لأنّ لفظة « العدل » يصح إطلاقها على الواحد فما زاد ؛ لأنّه مصدر يصدق على القليل والكثير ، تقول : رجل عدل . ورجلان عدل . ورجال عدل . ونمنع قبول خبر الواحد في دخول وقت الصلاة . والرواية قُبِل فيها الواحد ؛ للإِجماع ؛ فإنّه يشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية ؛ لعظم خطرها .
وللشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ قولان :
قال في المبسوط : إن كان في السماء علّة وشهد عدلان من البلد أو خارجه برؤيته ، وجب الصوم ، وإن لم يكن هناك علّة لم يقبل إلّا شهادة القسامة خمسين رجلاً من البلد أو خارجه (٢) .
وقال في النهاية : إن كان في السماء علة ولم يَرَه جميعُ أهل البلد ورآه خمسون نفساً ، وجب الصوم ، ولا يجب الصوم إذا رآه واحد أو اثنان ، بل يلزم فرضه لمن رآه حسب ، وليس على غيره شيء .
ومتى كان في السماء علّة ولم يُرَ في البلد الهلالُ ورآه خارج البلد شاهدان عدلان ، وجب أيضاً الصوم ، وإن لم يكن في السماء علّة وطلب فلم يُرَ ، لم يجب الصوم إلّا أن يشهد خمسون نفساً من خارج البلد أنّهم رأوه (٣) ؛ لقول الصادق عليه السلام : « لا تجوز الشهادة في الهلال دون خمسين رجلاً عدد القسامة ، وإنّما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج
__________________
(١) في « ط » : في آخر النهار .
(٢) راجع : المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٧ .
(٣) النهاية : ١٥٠ .