وعن مالك رواية اُخرى أنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيام (١) .
لنا : ما رواه العامة عن النبي صلّى الله عليه وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم ) (٢) والصوم لا يقع في أقلّ من يوم ، فبطل قول الشافعي ومَنْ وافقه .
وأمّا التقدير بالثلاثة : فلأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث المتطاول وفي الشرع قيّد بالعبادة ، ولا يصدق ذلك بيوم واحد ؛ لأنّ التقدير بيوم لا مُماثل له في الشرع ، والتقدير بعشرة سيأتي إبطاله ، فتتعيّن الثلاثة ، كصوم كفّارة اليمين وكفّارة بدل الهدي وغير ذلك من النظائر .
ولقول الصادق عليه السلام : « لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام » (٣) .
واحتجاج الشافعي : بأنّ الاعتكاف لبث ، وهو يصدق في القليل والكثير (٤) . وأبو حنيفة : بأنّ من شرطه الصوم ، وأقلّه يوم (٥) . ومالك : بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، كان يعتكف العشر الأواخر (٦) ؛ باطل : بأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل ، والأصل بقاء الوضع ، وقد بيّنّا أنّه لا
__________________
الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ .
(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٤ ، التفريع ١ : ٣١٢ ـ ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١ .
(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدارقطني ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠٠ / ٤ وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ ( بصيام ) بدل ( بصوم ) .
(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٥ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ ـ ١٢٩ / ٤١٨ .
(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠ .
(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ .
(٦) كما في المعتبر للمحقق الحلي : ٣٢٢ ، كما أنّ فيه أيضاً التعرض لاحتجاج الشافعي وأبي حنيفة .