الزمان» فليس للصابر إلّا أن يظفر بالمقصود ، أو بما أعدّه الله تعالى له من الأجر المحمود.
وتقدم في تعريف الصبر أنه : حبس النفس عن الهوى مع مراعاة تكليف المولى ، بل يمكن تعريفه بالمعنى العام ليشمل صبر الواجب والممكن ، وأنواعه وأقسامه ، بأن يقال : «هو تقدير الشيء بالنحو الأتم على ما يناسب النظام الأحسن نوعيا كان أو شخصيا» فيشمل صبر الواجب ، حيث أطلق الصبور عليه تعالى في الأسماء الحسنى على ما روي عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) ، وما ورد في الحديث القدسي ، وفي الحديث : «لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عزوجل» ، وفي دعاء المجير وغيره «يا صابر» ، فإنه يتفرع منه الحلم والعفو ، والرفق والمداراة كل ذلك متشعب عن الصبر المختلف باختلاف الخصوصيات والجهات ، فيختلف معناه كذلك فلا نحتاج إلى تفسير الصبر فيه تعالى بالمعنى العدمي ، أي عدم التعجيل في عقوبة العصاة ، كما عن جمع من المفسرين واللغويين.
والصبر في الإنسان قد يكون من طبيعته وجبلته فإننا نرى أن بعض الأفراد يصبر على ما يرد عليه من المكاره ويتحمل من المشاق ما لا يقدر غيره على تحملها. وقد يكون بالاكتساب والمصابرة ، وهذا أفضل من القسم الأول ، وهو موضوع منازل السائرين إلى الله تعالى في سيرهم وسلوكهم ، وأهم عمادهم في التخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل والتجلية بالتخلق بأخلاق الله تعالى ، وبقية الدرجات من الفناء والطمس ، والمحو ، والمحق وغيرها مما شرحه أهل الفلسفة العملية والعرفاء.
كما أن الصبر عن الشيء تارة يكون مع وجود المقتضي وفقد المانع خارجا ، وأخرى مع الميل النفساني وعدم المقتضي ، وثالثة مع الميل ووجود المانع ، وتختلف مراتب فضل الصبر باختلاف هذه المراتب.
وللصبر أنواع وأفراد كثيرة كلها من الفضائل ، ولكل فرد اسم خاص به ، وضد مختص به ، فيسمى الصبر في الحرب شجاعة وضده الجبن. وفي المصيبة الصبر ـ بقول مطلق ـ وضده الجزع ، وفي الحوادث المضجرة رحابة