المرضية لله تعالى في عالم التكوين يستفاد من الكتاب العزيز والسنة المستفيضة كما يأتي ، بل تدل عليه الأدلة العقلية أيضا على ما يأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى.
والنظر فيها تقليب البصر أو البصيرة لإدراك الشيء. واستعماله في الأول أكثر عند العامة ، وفي الثاني أكثر عند الخاصة. وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على كل منهما فمن الثاني قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٨٥] ومن الأول قوله تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) [سورة التوبة ، الآية : ١٢٧] وقد استعمل في المقام بمعنى مطلق الإدراك الشامل لكل من المعنيين بحسب شعورهم وإدراكهم فيكون نحو تخويف وتشديد لما سألوه من موسى (عليهالسلام).
وقصة سؤال بني إسرائيل رؤية الله تعالى مذكورة في التوراة ، وهي أن طائفة من بني إسرائيل اعترضوا على موسى وهارون وقالوا لماذا اختصا بالكلام مع الله تعالى مع أنهما إنما حظيا هذه المنزلة ، لكونهما من ولد إبراهيم (عليهالسلام) وهذه النعمة تعم بني إسرائيل كلهم فقالوا لموسى : لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة فأخذهم الى خيمة العهد ، وهي خيمة نصبها موسى لنفسه وأمر بتقديسها وسميت بخيمة الزمان أيضا ، فانشقت الأرض وابتلعت قسما منهم وأحرقت الناس القسم الآخر.
ولكن نقل ابن بابويه في العيون عن الرضا (عليهالسلام): «أن بني إسرائيل قالوا لن نؤمن لك بأنّ الله أرسلك وكلمك حتّى نسمع كلام الله تعالى فاختار منهم سبعين رجلا فلما سمعوا كلام الله قالوا لن نؤمن بأنه كلام الله حتّى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا» ، وسيأتي تفصيل القصة في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى.
ويستفاد من الجمع بين هذه الآية المباركة وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٤٣] أن سؤال موسى لرؤية الله تعالى لم يكن لنفسه ومن عند نفسه ، بل كان لبني إسرائيل ، ولذا لم يكن مشمولا