الشنيعة أنهم كانوا يحرفون كلمات الله تعالى هذا حال سلفهم وأما أحوال الحاضرين فهي لا تتخطى عمن تقدمهم كما بيّن ذلك سبحانه وتعالى في الآيات التالية.
قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا). بيّن سبحانه وتعالى صفة أخرى من ذمائم أخلاقهم وشعب نفاقهم أي : إذا واجه اليهود أصحاب الرسول (صلىاللهعليهوآله) اعترفوا بالإسلام وقالوا : إنا آمنا برسولكم ـ كما آمنتم به ـ بحكم التوراة من البشارة ببعثته ولكن قولهم ذلك كان على سبيل النفاق.
قوله تعالى : (وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ). الفتح في الأصل إزالة الأغلاق والأشكال سواء كان ذلك في الأمور المادية أو المعنوية أو الاعتبارية وقد استعمل في القرآن الكريم بجميع مشتقاته ، قال تعالى : (يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) [سورة سبأ ، الآية : ٢٦] وقال تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) [سورة الأنعام ، الآية : ٥٩] أي : عنده ما يفتح به أبواب الرحمة على الخلق وكل نبي فاتح لامته أبواب المعارف الإلهية ويبين الأحكام للناس ، ومنه اطلاق الفاتح على الحاكم والفتح على الحكم والقضاء ، والفتاح على القاضي. والمراد به هنا ما كان مبينا في التوراة. ويستفاد منه انهم كانوا يزعمون أن ذلك سرّ لهم خاصة.
ومادة (ح د ث) تأتي بمعنى الكون بعد العدم ، سواء كانت البعدية ذاتية أم زمانية. والحديث بمعنى الكلام والخبر ، وإنما يفترق بالاعتبار فيسمى حديثا باعتبار حدوثه وتجدده ؛ وقد أطلق الحديث على نفس القرآن أيضا ، قال تعالى : (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ) [سورة النجم ، الآية : ٥٩] ، وقال تعالى : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) [سورة الواقعة ، الآية : ٨١].
والمعنى : أنه إذا خلا بعضهم ببعض يذم من أظهر منهم ما كان في التوراة من البشارة بالنبي (صلىاللهعليهوآله) وصفاته والأمر باتباعه.
قوله تعالى : (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ). مادة (ح ج ج) تأتي بمعنى