بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم» والمعنى : يستنصرون بمحمد (صلىاللهعليهوآله) وشريعته على المشركين ، ويأملون لأن يستظهروا به على من سواهم من المشركين.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ). أي : فلما جاءهم ما كانوا قد عرفوه من أمر النبي (صلىاللهعليهوآله) ورسالته وقرآنه جحدوا به ، حسدا منهم واستكبارا ، فكان جزاؤهم أن كتب الله عليهم اللعن والطرد من رحمته. وكفرهم هذا من كفر الجحود ـ ككفر إبليس ـ الذي هو من أشد أنواع الكفر. ولا يختص حكم هذه الآية المباركة باليهود بل يشمل كل من أنعم الله عليه ثم أنكرها ولو بعدم أداء شكرها ، ويأتي في قوله تعالى : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) [سورة النحل ، الآية : ٨٣] ما ينفع المقام. وفي تكرار قوله تعالى : (لَمَّا جاءَهُمْ) تأكيد للذنب وتهويل له.
قوله تعالى : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ). بئس كلمة تستعمل في جميع أنحاء الذم ، كما أن نعم كلمة تستعمل في جميع أنحاء المدح. و «ما» نكرة مبهمة بمعنى مطلق الشيء أي بئس شيء اشتروا ، ويجوز أن تكون موصولة أي بئس الذي اشتروا به. والشراء والاشتراء بمعنى واحد ، ويستعمل كل منهما في البيع والشراء ، ويأتي بمعنى مطلق المبادلة. أي : بئس ما فعلوه من تبديل النفس التي من حقها أن تقابل بالإيمان ، والمعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة ، والأعمال الصالحة لتكون لها السعادة في الدارين ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [سورة التوبة ، الآية : ١١١] ولكنهم بدلوها باختيارهم بأخس الأمور وذمائم الأخلاق والكفر بما أنزل الله تعالى حسدا منهم واستكبارا ، فجلبوا لأنفسهم شقاوة الدارين ، وهذا حال من أعرض عن الله تعالى. وفي الآية المباركة تسفيه لأحلامهم ، وتوبيخ لهم.
قوله تعالى : (بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ). البغي هنا هو الفساد. ويتضمن معنى التجاوز عن الحد والطلب ،