ويختلف باختلاف المتعلق. ويستعمل في الخير والشر. وفي مورد الإطلاق ينصرف إلى الشر ، قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ١٩٨] ، وقال جلّ شأنه : (وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [سورة الشورى ، الآية : ٤٢] ومن مفهومه يستفاد البغي بالحق ، وفي الحديث : «إن الله يحب بغاة العلم» أي طلاب العلم ورواده. وفي الحديث أيضا : «أبغوني الضعيف فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم».
وجملة (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) في موضع نصب بيان للبغي أي : أن سبب كفرهم إنما هو البغي الذي جبلت عليه نفوسهم ، وكانت له أسباب متعددة منها كراهة أن ينزل الله تعالى من فضله على من يشاء من عباده ، وقد حملهم الحسد على أن يحتفظوا لأنفسهم الحركة الدينية ، والقول بأنهم شعب الله المختار بأن لا يعترفوا بنبي في غير ملتهم وحسدهم هذا وكفرهم نظير كفر إبليس بالله تعالى ، وحسده على آدم (عليهالسلام) فهو الذي شيد أساس الكفر والجحود ، وتبعه اليهود فالحقيقة واحدة والمظاهر مختلفة.
قوله تعالى : (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ). تقدم ما يتعلق به. والمراد انهم رجعوا إلى غضب على غضب بتكرار المعاصي منهم وان كل سوء اعتقادي يصدر من الإنسان ثم يصدر منه سوء آخر كذلك فهو من الغضب على الغضب ، فلا وجه لجعل الغضب الأول هو الذي استوجبوه بالكفر بالنبي (صلىاللهعليهوآله) والغضب الثاني هو الذي لحقهم من عبادة العجل ، أو غضب الله عليهم من أجل الكفر مع المعرفة وغضبه الآخر من أجل حسدهم وعنادهم للرسول (صلىاللهعليهوآله) أو غير ذلك من الوجوه التي ذكرها المفسرون ، بل يشمل جميع المخالفات الإلهية المتكررة التي توجب الغضب المستمر عليهم ، ولذلك مصاديق مختلفة فإن كل من يختار دينا باطلا ثم يتركه ويدخل في دين باطل آخر ، أو من يرتكب مخرما تكليفيا ثم يعقبه بمحرم تكليفي آخر يختلف مع الأول في النوع ، أو يرتكب محرما تكليفيا آخر متفق مع الأول في النوع من الكبائر ، أو كان من الصغائر من دون أن يتخلل بين ارتكاب المحرمات تكفير وتوبة ، فجميع هذه الصور تكون داخلة في هذه الآية