منها.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). هذا بمنزلة التعليل لاستيلائه تعالى على النسخ والإنساء ، فإنّ قدرته التامة غير المحدودة تقتضي ذلك ، وهو قرينة على أن المراد من الآية ليس خصوص القرآن ، بل تشمل كل آية دالة على وحدانيته وصفاته الحسنى ، فتشمل المعجزات الباهرات ومنها القرآن الكريم الدالة على نبوة أنبياء الله تعالى.
والخطاب للنبي (صلىاللهعليهوآله) تشريفي ، ولأنه (صلىاللهعليهوآله) بمفرده بمنزلة الجميع ، ولبيان طريق الاستدلال له حتّى يتعلم منه الجميع. ويعتبرونه الواسطة بينهم وبين الله تعالى. والاستفهام تقريري وهو أبين في الإثبات من نفس الاستدلال.
ثم إنه تعالى أراد تثبيت ايمان المؤمنين لئلا يتأثروا بشبهات الكافرين فأقام الدليل الآخر على تمام قدرته.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). أي أنه مالك لهما خلقا وإيجادا ، وإرادة وتدبيرا ، والنّاس كلهم عبيده يفعل ما يشاء فيهم ويحكم ما يريد لا يعجزه شيء. والخطاب للنبي (صلىاللهعليهوآله) تشريفا والمراد به غيره.
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ). التفات في الخطاب من الإفراد إلى الجمع لما ذكرناه والولي هو القائم بالأمر ومدير الرعية ومدبر أمورها. والنصير من يطلب النصرة والتقوية منه. أي : إنّ وليكم وناصركم هو الله تعالى وحده وهو يفعل فيكم بما تقتضيه حكمته البالغة ولا يفوته أحد ، فهو الذي يقدر الإنسان على العمل بنحو الاقتضاء ، كما أنه المالك للثواب والعقاب فيكون تعالى مبدأ الكل ومنتهاه.
والآية من الأدلة العقلية على تمام قدرته وكمال إرادته ، وكما لها نظير في الآيات القرآنية ، وفيها إشارة إلى لزوم انقطاع العباد إليه تعالى لانحصار الولاية فيه والإعانة منه عزوجل فهو مسبب الأسباب بما يشاء وإن كان جعلها تحت اختيار العبد وقدرته فلا بد وأن يكون السعي من العبد والنصرة