المعصية ما لا يخفى.
قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى). عطف على قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) وفي الكلام اختصار بديع ، وإيجاز حسن. أي : قالت اليهود لن يدخل الجنّة إلّا من كان يهوديا ، وقالت النصارى كذلك في أنفسهم واشتراكهما في المقول أوجب جمعهما في القول وهذا زعم كل من يدعي الإعتقاد بدين وهو غافل عن أحكامه ، أو جاحد معاند.
وإنّما عبر سبحانه وتعالى بكلمة «هود» دون التعبير باليهود ، لأن هود قوم منهم يقولون لا يقبل الله توبة عبد إلّا من كان منهم ، ولذا خصهم بالذكر ، ولكن الظاهر أن جميع اليهود يقولون بذلك ، ولعل التعبير كان باعتبار منشأ الحدوث.
ولازم كلام كل من الطائفتين نفي دخول المسلمين الجنّة.
قوله تعالى : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ). أي أنّ قولهم ذلك من مجرد أمنياتهم التي لا تتجاوز عن الخيال ولا واقع لها بوجه ، والمقام من مصاديق قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ) [سورة البقرة ، الآية : ٧٨] وهذه من جملة تلك الأماني.
قوله تعالى : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). تكذيب لهم ومطالبتهم بالبرهان على دعواهم ، وهذا شأن كل دعوى فإنّها لا تقبل إلّا مع إقامة برهان على صدقها ، وإلّا كانت دعوى كاذبة.
قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ). بلى : كلمة رد لما زعموه ، وتقدم ما يتعلق بها في قوله تعالى : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٨٢].
مادة (س ل م) تدل على السلامة من العيب والنقص والخلوص بلا فرق بين كون العيب والنقص من الجسمانيات أو المعنويات ، في الدنيا أو في الآخرة ، قال تعالى : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [سورة