المساوئ والعيوب. وتقدم أن النفس فاعل للعمل ، والعمل مؤثر في النفس ، ويأتي في آيات أخرى مزيد بيان لذلك.
قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ). أي : ادعى كل فريق أن صاحبه ليس على شيء. وذلك أن أصحاب كل نحلة ودين لا يرون غيرهم على حق ، وهذا الاختلاف قديم جدا يرجع إلى أوائل الخليقة ومنذ حدوث الاجتماع الإنساني ، فكل طائفة ترمي الطائفة الأخرى بالباطل ، بل نرى ذلك بين المذاهب المختلفة من دين واحد فضلا عن الأديان المختلفة ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).
ولو تأملنا في المنشأ الحقيقي لذلك فإنه لا يرجع إلّا إلى الوهم والخيال ، وطرح العقل المؤيد بالشرع ، وتغليب الهوى مع أن الحق واحد في جميع الأديان الإلهية التي يجمعها أنها من الله الواحد وكتاب منزل منه تعالى ، وأنه لا يوجد دين سابق إلّا ويبشر بالدين اللاحق ، كما أن الأخير متمم للسابق ، وما عدا ذلك فهو من الوهم والخيال ، فتراهم يكفرون بأنبياء الله تعالى ورسله وكتبه وعليه جرت طريقتهم حتّى صار يعد من الأمور الاجتماعية بين البشر وكم كان جديرا بالإنسان أن يرجع إلى فطرته ، ويهتدي بهدي عقله وينبذ الاختلاف والعناد حتّى يرى ما كان يجلبه من الخير والصلاح ولم يصل إلى ما وصل إليه من الانحطاط والإفتراق ، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر.
قوله تعالى : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ). أي : أنّهم قالوا ذلك وهم يتلون التوراة والإنجيل وفيهما ما يأمرهم بخلاف ما يقولون فإن أحد الكتابين يدعو إلى الآخر ، وكلاهما يدعوان إلى القرآن كما أن الأخير يدعو إليهما ، فما بالهم ينقضون كتابهم ولا يعملون بدينهم وفي ذلك من التوبيخ ما لا يخفى.
قوله تعالى : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ). أي : إنّ