كانوا من رؤساء القوم وكبرائهم.
والمعنى : هلا يكلمنا الله تعالى كما يكلم رسوله أو ينزل علينا الآيات الخاصة التي اقترحناها كما حكاها عنهم في قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [سورة الإسراء ، الآية : ٩٠] ولم يكن ذلك منهم إلّا للعناد والجحود ، فإن في ما أنزل الله تعالى على نبيه دلالات واضحة ، ومعجزات باهرة.
قوله تعالى : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) أي : أن مثل هذه الاقتراحات الفاسدة قالها الذين من قبلهم في الأمم الماضية فقد اقترح اليهود والنصارى على أنبياء الله تعالى الآيات عتوا واستكبارا. وقد حكى تعالى جملة منها في ما تقدم من الآيات.
قوله تعالى : (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ). التشابه هو التماثل أي : أن قلوبهم تماثلت في الضلال والكفر والجهل فإن الجهل وعدم العلم حقيقة واحدة وإن اختلفت مظاهرها ، فإنهم جميعا يتشابهون في مكابرة الحق وإيذاء أنبياء الله تعالى.
قوله تعالى : (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). اليقين أخص من مطلق العلم ، يقال : علم اليقين ، وحق اليقين ، وعين اليقين ، وفي الحديث : «لم يقسّم الله شيئا بين الناس أقل من اليقين» ويأتي الفرق بينهما بعد ذلك ، والمراد به من يطلب العلم واليقين مما يوجبه من الآيات ولديهم الاستعداد لذلك.
والمعنى : إنّا أظهرنا الآيات مع رسولنا بدلالات واضحة وكافية بما لا يدع مجالا للشك والريب إلّا من كان من أهل الأهواء والعناد والضلال. وقد أعرض سبحانه وتعالى عن جوابهم إما لأجل أنهم ليسوا من أهل العلم والمعرفة ، أو لأجل أن سؤالهم لا يليق بالجواب. ولو فرض أن الآيات جرت على حسب أهوائهم ومقترحاتهم ، فإنه مضافا إلى كون بعضها من المستحيلات عقلا كسؤال رؤية الله تعالى ونزوله جل شأنه لصارت أمورا عادية ليس فيها أي دلالة على المعجزة والحجية ، فلا بد من مراعاة النظام