الأحسن والتدبير الأتم الأكمل في كل عصر بالنسبة إلى جميع أفراد الإنسان بما يوافق الحكمة البالغة كما أشار اليه سبحانه وتعالى في الآية التالية.
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً). البشير المخبر بالخير وتستعمل المادة في الشر أيضا قال تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [سورة الإنشقاق ، الآية : ٢٤]. والنذير المخبر بما فيه خوف ، وكلاهما يتحققان في أنبياء الله وأوليائه الناطقين عنه سبحانه المبشرين بثوابه والمنذرين عن عقابه.
والمراد بالحق هو القرآن وجميع التشريعات السماوية النازلة على نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) الموجبة لسعادة الدنيا والآخرة ، ويمكن أن يكون المراد به الأعم من كون نفس الإرسال بالحق والمرسل له أيضا كذلك للملازمة بينهما كما هو المعلوم.
يعني : إنا أرسلنا النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله) بالحق وفي الحق ، والحكمة في هذا الإرسال أن يكون بشيرا بالرحمة والثواب لمن يتبع الحق ونذيرا بالعقاب لمن خالف.
قوله تعالى : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ). الجحيم هي النار إذا اضطرمت وشب وقودها وقد أعدها الله تعالى في الآخرة للغاوين قال تعالى : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) [سورة الشعراء ، الآية : ٨١] أي لا تسئل عن أصحاب الجحيم الذين استحقوها بسوء اختيارهم لم اختاروا الجحيم؟ ولا يضرك تكذيبهم فلا يضيق صدرك عليهم بعد أن قمت بالوظيفة ، وأتممت الحجة عليهم ، قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٢] وفي ذلك تسلية للنبي (صلىاللهعليهوآله).
وهذه الآية الشريفة وما في سياقها مطابقة للعقل الفطري من تحقق الإختيار في الفاعل المختار ، فإن الله تعالى إنما بعث رسله مبشرين ومنذرين وعلى الإنسان أن يأخذ العلم الذي يهديه وماله دخل في استكماله