* س ٢٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)(٣٧) [المائدة:٣٦ ـ ٣٧]؟!
الجواب / أقول : تعقيبا على الآية السابقة التي كلفت المؤمنين بالتقوى والجهاد وإعداد الوسيلة ، جاءت الآيتان الأخيرتان وهما تشيران إلى مصير الكافرين ، وتؤكدان أنهم مهما بذلوا ـ حتى لو كان ـ كل ما في الأرض أو ضعفه ـ في سبيل إنقاذ أنفسهم من عذاب يوم القيامة ، فلن يقبل منهم ذلك ـ أبدا ـ وأنهم سينالون العذاب الشديد ، فتقول الآية الكريمة في هذا المجال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
ويبين هذا الأسلوب القرآني أقصى درجات التأكيد فيما يخص العقوبات الإلهية ، التي لا يمكن ـ مطلقا ـ التخلص منها بأي ثروة أو قدرة مهما بلغت ، وحتى لو شملت جميع ما في الأرض أو ضعف ذلك ، وإن طريق الخلاص الوحيد يكمن ـ فقط ـ في اتباع التقوى والجهاد في سبيل الله والقيام بالأعمال الصالحة.
بعد ذلك تشير الآية التالية إلى استمرار عذاب الله ، وتوضح أن الكافرين مهما سعوا للخروج من نار جهنم فلن يقدروا على ذلك ، وإن عذابهم ثابت وباق لا يتغير ، كما تقول الآية : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)(١).
__________________
(١) الأمثل : مجلد ٣ ، ص ٦٢٣.