سألتموني شيئا يعظم عليّ ويهون على ربي ، فسأل الله ذلك ، فانصدع ـ أي انشق ـ الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته واضطراب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض ، ثم لم يفجأهم إلا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترّت ثم خرج سائر جسدها ، فاستوت على الأرض قائمة فلما رأوا ذلك ، قالوا يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ، فاسأله أن يخرج لنا فصيلها فسأل الله ذلك ، فرمت به فدب حولها ، فقال يا قوم أبقي شيء؟ قالوا : لا فانطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأيناه ويؤمنوا بك ، فرجعوا فلم يبلغ السبعون الرجل إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا سحر ، وثبت الستة وقالوا الحق ما رأيناه ، ثم ارتاب من الستة واحد فكان فيمن عقرها ... (١).
* س ٤٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ)(٧٦) [الأعراف:٧٥ ـ ٧٦]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ صالحا عليهالسلام غاب عن قومه زمانا ، وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدّح البطن (٢) ، حسن الجسم ، وافر اللحية ، ورجع خميص البطن خفيف العارضين مجتمعا ، ربعة من الرجال ، فلمّا رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته ، فرجع إليهم وهم على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة لا ترجع أبدا ، وأخرى شاكّة فيه ، وأخرى على يقين ، فبدأ عليهالسلام حيث رجع بطبقة الشكّاك فقال لهم : أنا صالح. فكذّبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا : نبرأ إلى الله منك ، إنّ صالحا كان في غير صورتك». قال : «فأتى
__________________
(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ح ٥٤.
(٢) أي واسع البطن.