الجحّاد فلم يسمعوا منه القول ، ونفروا منه أشدّ النفور.
ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة ، وهم أهل اليقين ، فقال لهم : أنا صالح ، فقالوا : أخبرنا خبرا لا نشك فيه أنّك صالح ، فإنّا لا نمتري أنّ الله تبارك وتعالى الخالق ينقل ويحوّل في أي صورة شاء ، وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وإنّما يصحّ عندنا إذا أتانا الخبر من السّماء.
فقال لهم صالح عليهالسلام : أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة. فقالوا : صدقت ، وهي التي نتدارس ، فما علامتها؟ فقال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم. فقالوا : آمنا بالله وبما جئتنا به ، فعند ذلك قال الله تبارك وتعالى : (أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) فقال أهل اليقين : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم الشّكاك والجحّاد : (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
قال زيد الشحام ، قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم؟ قال : «الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم ، يدل على الله عزوجل ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام ـ على الفترة ـ لا يعرفون إماما ، غير أنّهم على ما في أيديهم من دين الله عزوجل ، كلمتهم واحدة ، فلمّا ظهر صالح عليهالسلام اجتمعوا عليه ، وإنّما مثل القائم عليهالسلام مثل صالح عليهالسلام» (١).
* س ٤٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)(٧٩) [الأعراف:٧٧ ـ ٧٩]؟!
الجواب / أقول : كان سبب عقرهم الناقة أن امرأة يقال لها ملكاء كانت
__________________
(١) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٣٦ ، ح ٦.