* س ٨٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(١٠٤) [المائدة:١٠٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسيّ : أخبر الله تعالى عن الكفار الذين أخبر عنهم أنهم لا يعقلون ، والذين جعلوا البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، و (الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) من كفار قريش وغيرهم من العرب بأنه (إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا) أي هلموا (إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) من القرآن واتباع ما فيه ، والإقرار بصحته (وَإِلَى الرَّسُولِ) وتصديقه ، والاقتداء به وبأفعاله (قالُوا) في الجواب عن ذلك (حَسْبُنا) أي كفانا (ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) يعني مذاهب آبائنا. ثم أخبر تعالى منكرا عليهم فقال : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) أي إنهم يتبعون آباءهم في ما كانوا عليه من الشرك وعبادة الأوثان وإن كان آباؤهم لا يعلمون شيئا من الدين ولا يهتدون إليه. وقيل في معنى (لا يَهْتَدُونَ) قولان :
١ ـ الذم بأنهم ضلال.
٢ ـ أنهم لا يهتدون إلى طريق العلم بمنزلة العمي عن الطريق.
وفي الآية دلالة على فساد التقليد ، لأن الله تعالى أنكر عليهم تقليد الآباء فدل ذلك على أنه لا يجوز لأحد أن يعمل على شيء من أمر الدين إلّا بحجة.
وفيها دلالة على وجوب المعرفة وأنها ليست ضرورية ، لأن الله تعالى بين الحجاج عليهم في هذه الآية ليعرفوا صحة ما دعا الرسول إليه ، ولو كانوا يعرفون الأحق ضرورة لم يكونوا مقلدين لآبائهم وكان يجب أن يكون آباؤهم أيضا عارفين ضرورة ، ولو كانوا كذلك لما صح الإخبار عنهم بأنهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون. وإنما نفى عنهم الاهتداء والعلم معا لأن بينهما فرقا وذلك أن الاهتداء لا