* س ٧٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(١١٧) [الأنعام:١١٧]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : ـ في قوله تعالى ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) خاطب سبحانه نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن عنى به جميع الأمة.
ويسأل فيقال : كيف جاز في صفة القديم سبحانه أعلم ، مع أنه سبحانه لا يخلو من أن يكون أعلم بالمعنى ممن يعلمه ، أو ممن لا يعلمه ، وكلاهما لا يصح فيه أفعل؟
والجواب : إن المعنى هو أعلم به ممن يعلمه ، لأنه يعلمه من وجوه لا يخفى على غيره ، وذلك أنه يعلم ما يكون منه ، وما كان ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، على جميع الوجوه التي يصح أن يعلم الأشياء عليها ، وليس كذلك غيره ، لأن غيره لا يعلم جميع الأشياء وما يعلمه لا يعلمه من جميع وجوهها ، وأما من هو غير عالم أصلا ، فلا يقال الله سبحانه أعلم منه ، لأن لفظة (أَعْلَمُ) يقتضي الاشتراك في العلم ، وزيادة لمن وصف بأنه أعلم ، وهذا لا يصح فيمن ليس بعالم أصلا إلا مجازا.
(وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) المعنى : إنه سبحانه أعلم بمن يسلك سبيل الضلال المؤدي إلى الهلاك والعقاب ، ومن يسلك سبيل الهدى المفضي به إلى النجاة والثواب ، وفي هذا دلالة على أن الضلال والإضلال من فعل العبد ، خلاف ما يقوله أهل الجبر. وعلى أنه لا يجوز التقليد واتباع الظن في الدين ، والاغترار بالكثرة ، وإلى هذا أشار أمير المؤمنين علي عليهالسلام حيث قال للحارث الهمداني : (يا حار! الحق لا يعرف بالرجال ، إعرف الحق تعرف أهله) (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ١٤٦.