ومكنهم في الأرض ، لما كفروا بنعم الله وارتكبوا معاصيه أهلكهم الله بذنوبهم ، وأنه أنشأ قوما آخرين بعدهم. يقال : أنشأ فلان يفعل كذا أي ابتدأ فيه.
وموضع (كَمْ) نصب ب (أَهْلَكْنا) ، لأن لفظ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، فلذلك لا يجوز أن يكون منصوبا ب (يَرَوْا). فإن قيل : كيف قال : (أَلَمْ يَرَوْا) والقوم كانوا غير مقرين بما أخبروا به من شأن الأمم قبلهم؟ قيل : كان الكثير منهم مقرا بذلك فإنه دعي بهذه الآية إلى النظر والتدبر ليعرف بذلك ما عرفه غيره (١).
* س ٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ)(٧) [الأنعام:٧]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لو نزل على نبيه كتابا يعني صحيفة مكتوبة في قرطاس حتى يلمسوه بأيديهم ويدركوه بحواسهم ، لأنهم سألوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يأتيهم بكتاب يقرؤونه من الله إلى فلان بن فلان أن آمن بمحمد ، وأنه لو أجابهم إلى ذلك لما آمنوا ، ونسبوه إلى السحر العظيم عنادهم وقساوة قلوبهم وعزمهم على أن لا يؤمنون على كل حال. وعرفه أن التماسهم هذه الآيات ضرب من العنت ومتى فعلوا ذلك اصطلمهم واستأصلهم ، وليس تقتضي المصلحة ذلك ، لما علم في بقائهم من مصلحة للمؤمنين ، وعلمه بمن يخرج من أصلابهم من المؤمنين وأن فيهم من يؤمن فيما بعد ، فلا يجوز اخترام من هذه صفته ...
__________________
(١) التبيان : ج ٤ ، ص ٨٠.