من بعد السيئات. (لَغَفُورٌ) لذنوبهم (رَحِيمٌ) بهم (وَلَمَّا سَكَتَ) أي : سكن (عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) وقيل في معناه : زالت فورة غضبه ، ولم يزل الغضب ، لأن توبتهم لم تخلص. وقيل : معناه زال غضبه ، لأنهم تابوا (أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي كانت فيها التوراة (وَفِي نُسْخَتِها) أي : وفيما نسخ فيها وكتب ، وقيل : وفي نسختها التي كتبت ، ونسخت منها (هُدىً) أي : دلالة وبيان لما يحتاج إليه من أمور الدين (وَرَحْمَةٌ) أي نعمة ومنفعة (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) أي : يخشون ربهم. فلا يعصونه ، ويعملون بما فيها ، وفي الآية دلالة على أنه يجوز إلقاء التوراة للغضب الذي يظهر بإلقائها ، ثم أخذها للحكمة التي فيها من غير أن يكون إلقاؤها رغبة عنها (١).
* س ٦٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥) وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ)(١٥٦) [الأعراف:١٥٥ ـ ١٥٦]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : [قال عليهالسلام] : إنّ موسى عليهالسلام لمّا قال لبني إسرائيل : إنّ الله يكلّمني ويناجيني ، لم يصدّقوه ، فقال لهم : اختاروا منكم من يجيء معي حتى يسمع كلامه. فاختاروا سبعين رجلا من خيارهم ، وذهبوا مع موسى إلى الميقات ، فدنا موسى عليهالسلام فناجى ربّه وكلّمه الله تبارك وتعالى ، فقال موسى عليهالسلام لأصحابه : اسمعوا واشهدوا عند بني
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٣٦٦ ـ ٣٦٧.