* س ٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (٦) [الأنعام:٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسيّ : قوله «ألم يرووا» خطاب للغائب وتقديره ألم ير هؤلاء الكفار : ألم يعلموا كم أهلكنا من قبلهم من قرن. ثم قال مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم» فخاطب خطاب المواجه ، فكأنه أخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم خاطبه معهم ، كما قال : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ)(١) فذكر لفظ الغائب بعد خطاب المواجه. ومعنى «من قرن» من أمة ... وقال الزجاج : عندي القرن هو أهل كل مدة كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم ، قلت السنون أو كثرت ، فيسمى ذلك قرنا ، بدلالة قوله عليهالسلام : «خيركم قرني» يعني أصحابي «ثم الذين يلونهم» يعني التابعين «ثم الذين يلونهم» يعني تابعي التابعين. قال : وجائز أن يكون القرن جملة الأمة ، وهؤلاء قرن فيها. واشتقاق القرن من الاقتران ، وكل طبقة مقترنين في وقت قرن ، والذين يأتوا بعدهم ذووا اقتران : قرن آخر.
وقوله (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) معناه جعلناهم ملوكا وأغنياء تقول مكنتك ، ومكنت لك واحد.
وقوله : (وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً) معناه أرسلنا عليهم مطرا كثيرا من السماء يقول القائل أصابتنا هذه السماء ، وما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم ، يعنون المطر. وقوله (مِدْراراً) يعني غزيرا دائما كثيرا ... بين الله تعالى أن هؤلاء الذين أتاهم الله هذه المنافع وأجرى من تحتهم الأنهار ، ووسع عليهم ،
__________________
(١) يونس : ٢٢.