لا يوصف تعالى فيما لم يزل بذلك. ومثل قوله (فَوْقَ عِبادِهِ) قوله : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) والمراد أنه أقوى منهم ، وأنه مقتدر عليهم ، لأن الارتفاع في المكان لا يجوز عليه تعالى ، لأنه من صفات الأجسام. فإذا المراد بذلك أنه مستعل عليهم ، مقتدر عليهم. وكل شيء قهر شيئا فهو مستعل عليه ، ولما كان العابد تحت تسخيره وتذليله وأمره ونهيه ، وصف بأنه فوقهم. وقوله (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) معناه أنه مع قدرته عليهم لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة ، ولا يفعل ما فيه مفسدة ، أو وجه قبح لكونه عالما بقبح الأشياء وبأنه غني عنها (١).
* س ١٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(١٩) [الأنعام:١٩]؟!
الجواب / ١ ـ قال محمّد بن عيسى بن عبيد : قال لي أبو الحسن عليهالسلام : «ما تقول إذا قيل لك : أخبرني عن الله عزوجل ، أشيء هو أم لا شيء؟».
قال : قلت : قد أثبت الله عزوجل نفسه شيئا ، حيث يقول (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وأقول : إنّه شيء لا كالأشياء ، إذ في نفي الشّيئيّة عنه نفيه وإبطاله. قال لي : «صدقت ، وأصبت».
ثمّ قال الرضا عليهالسلام : «للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي ، وتشبيه ، وإثبات بغير تشبيه ، فمذهب النّفي لا يجوز ، ومذهب التّشبيه لا يجوز ، لأنّ الله تبارك وتعالى لا يشبهه شيء ، والسّبيل في الطريقة الثالثة إثبات بلا تشبيه» (٢).
__________________
(١) التبيان : ج ٤ ، ص ٩٢.
(٢) التوحيد : ص ١٠٧ ، ح ٨.