ولكي يتضح أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يستطيع شيئا بغير الإستناد إلى لطف الله ورحمته ، فكل شيء بيد الله وبأمره ، وحتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه يترقب بعين الرجاء رحمة الله الواسعة ، ومنه يطلب النجاة والفوز و (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ).
هذه الآيات تبين منتهى درجات التوحيد ، وترد على الذين كانوا يروون للأنبياء سلطانا مستقلا عن إرادة الله ، كما فعل المسيحيون عند ما جعلوا من المسيح عليهالسلام المخلّص والمنقذ ، فتقول لهم : إنّ الأنبياء أنفسهم يحتاجون إلى رحمة الله مثلكم (١).
* س ١٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)(١٨) [الأنعام:١٧ ـ ١٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : معنى الآية الأولى أنه لا يملك النفع والضرر إلا الله تعالى أو من يملكه الله ذلك. فبين تعالى أنه مالك السوء من جهته (فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) ولا يملك كشفه سواه مما يعبده المشركون ولا أحد سوى الله ، وأنه إن ناله بخير فهو على ذلك قادر. وقوله يمسك بضر أو بخير ، معناه يمسك ضره أو خيره. فجعل المس لله على وجه المجاز ، وهو في الحقيقة الخير والضر ، وهو مجاز في الخير والضر أيضا ، لأنهما عرضان لا تصح عليهما المماسة. وأراد تعالى بذلك الترغيب في عبادته ، وحده ، وترك عبادة سواه ، لأنه المالك للضر والنفع دون غيره ، وأنه القادر عليهما. والقاهر هو القادر على أن يقهر غيره. فعلى هذا يصح وصفه فيما لم يزل بأنه قاهر. وفي الناس من قال : لا يسمى قاهرا إلا بعد أن يقهر غيره ، فعلى هذا
__________________
(١) الأمثل : ج ٧ ، ص ٢١٨.