كفروا منهم» لأمرين :
١ ـ ليعم الوعيد الفريقين الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ، والذين قالوا هو ثالث ثلاثة والضمير عائد إلى أهل الكتاب.
٢ ـ أنه من أقام منهم على الكفر لزمه هذا الوعيد ، وليس في الآية ما يدل على أن في أفعال الجوارح ما هو كفر لأن الذي فيها هو الإخبار عن أن من قال الله ثالث ثلاثة فهو كافر ، وهذا لا خلاف فيه. وليس فيها أن هذا القول بعينه هو كفر أن دلالة على الكفر ، فمن يقول الكفر هو الجحود ، وأن الإيمان هو التصديق بالقلب يقول إن في أفعال الجوارح ما يدل على الكفر الذي هو الجحود في القلب مثل القول الذي ذكره الله تعالى ، ومثل ذلك السجود للشمس وعبادة الأصنام وغير ذلك ، فلا دلالة في الآية على ما قالوه (١).
* س ٦٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٤) [المائدة:٧٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : الألف في قوله : «أفلا» ألف إنكار وأصلها الاستفهام ، لأنه لا يصح للسؤال جواب عن مثل هذا فيكون حينئذ تقريعا لهم وإنكارا عليهم ترك التوبة وإنما دخلت «إلى» في قوله : (يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ) لأن معنى التوبة الرجوع إلى طاعة الله ، لأن التائب بمنزلة من ذهب عنها ثم عاد إليها ، والتوبة طاعة يستحق بها الثواب ، فأما إسقاط العقاب عندها فهو تفضّل من الله غير واجب. والفرق بين التوبة والاستغفار أن الاستغفار طلب المغفرة بالدعاء أو التوبة أو غيرهما من الطاعة. والتوبة الندم على القبيح
__________________
(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٦٠٣.