معناه أن تعدلوا عن الاستقامة بالاستكثار من المعصية ، وذلك أن الاستقامة هي المؤدية إلى الثواب ، والفوز بالسلامة من العقاب ، وأما الميل عن الاستقامة فيؤدي إلى الهلاك واستحقاق العقاب. فإن قيل : ما معنى إرادتهم الميل بهم؟ قيل قد يكون ذلك لعداوتهم ، وقد يكون لتمام الأنس بهم في المعصية ، فبين الله أن إرادته لهم خلاف إرادتهم منهم ، وليس في الآية ما يدل على أنه لا يجوز اتباع داعي الشهوة في شيء البتة ، لأنه لا خلاف أن اتباع الشهوة فيما أباحه الله تعالى جائز ، وإنما المحظور من ذلك ما يدعو إلى ما حرمه ، لكن لا يطلق على صاحبه بأنه متبع للشهوة ، لأن إطلاقه يفيد اتباع الشهوة فيما حرم عليه (١).
* س ٢٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(٢٨) [النساء:٢٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : معنى قوله : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) ههنا أي في نكاح الإماء ، لأن الإنسان خلق ضعيفا في أمر النساء.
وأصل التخفيف خفة الوزن ، والتخفيف على النفس بالتيسير ، كخفة الحمل بخفة الوزن ، ومنه الخفافة النعامة السريعة ، لأنها تسرع إسراع الخفيف الحركة ، والخفوف السرعة ، ومنه الخف الملبوس لأنه يخف به التصرف ، ومنه خف البعير. والمراد بالتخفيف ههنا تسهل التكليف ، بخلاف التصعب فيه ، فتحليل نكاح الإماء تيسير بدلا من تصعيب ، وكذلك جميع ما يسره الله لنا إحسانا منه إلينا ، ولطفا بنا.
فإن قيل : هل يجوز التثقيل في التكليف ، مع خلق الإنسان ضعيفا عن
__________________
(١) التبيان : ج ٣ ، ص ١٧٥.